|
معاً على الطريق مؤتمر النقد الأدبي الأخير في القاهرة في دورته السادسة والتي كانت تحت عنوان «تجديد الخطاب» طرح عنواناً جديداً للمؤتمر القادم وهو «جماليات التواصل الرقمي..» وكأن النقد قد اعترف بمكونات هذا التواصل ومادته ليقف بالتالي على جمالياته.. فهل نحن امام عصر جديد للكتابة أم رؤية جديدة للنقد؟ أم إن تجديد الخطاب قد تحقق بالفعل في النصوص العربية؟ أكاد أقول وأنا أغادر قاعة المؤتمر إن النقد في أزمة..فالخطاب العربي لم يتجدد من داخله إلا بمقدار ما دفعته اليه الظروف السياسية التي حلت بالمنطقة العربية.. وما فرضه الخطاب السياسي قبل الديني او الاجتماعي أو الآخر المعرفي.. أما الخطاب الثقافي العربي في الاعلام وفي الآداب سواء في الشعر أو القصة أو الرواية أو المسرح، فيبدو كمن كان في غيبوبة فكرية جعلته لا يستفيق منها ويتخلف عن مثيله في الغرب وهذا الاخير يتطور بتطور العصر ومعطياته وما أفرزته الحضارة الحديثة من ثورة في المعلومات، فهل بعد هذا يجد النقد نفسه في مأمن أم في مأزق؟ في الحقيقة انها مآزق وفخاخ في طريق كليهما النقد والخطاب فما يأتي به العصر الرقمي من افكار وما يحققه من فضاءات للتواصل والاتصال يفرض بما لا يدع مجالاً للشك أنماط تفكير جديدة لابد أن تظهر على ساحة المعاصرة.. والخطاب هنا لا يقتصر على الادب والفن فحسب، بل إنه ينسحب على كامل المشهد المعاصر فلا يستثي التاريخ وتفرعاته في الدين والسياسة. وما بالنا بحالنا والفجوة المعرفية بيننا وبين الغرب تتسع باتساع المسافة بين التقنيات الحديثة والأخرى القديمة.. إنها العزلة إذن والهوة التي باتت تهددنا وتعدنا بالتهميش مادمنا غير قادرين على اتقان استخدام أدوات التجديد.. وما دامت المجتمعات العربية فتية ويعاني بعضها من الامية فلابد اذن من خطاب حديث لتلك الشرائح المجتمعية أيضاً. وفي ظل تنامي تقنية الاتصالات لا ينهزم الناقد العربي وهو يدعو الى خطاب جديد بصياغة جديدة..ويضع عناوين عريضة تواكب واقع الحال لمؤتمرات وملتقيات قادمة، يقول الناقد الكبير د.صلاح فضل ان التواصل الرقمي يطرح اشكاليات متعددة، لعل ابرزها عن القيمة الادبية للنص، وهل سيعترف النقاد بهذه النصوص ويضعونها موضع الدرس والنقد؟ بل إنه يتعجب من هذا التواصل الرقمي مشيراً الى ان الدورة القادمة تحتاج من النقاد ضرورة مناقشة هذه التقنيات من حيث مرونتها وأدائها وحركتها.. لعل هذا يفتح باباً لتجديد حقيقي في الخطاب العربي. واذا كانت الانتقادات توجه الى الخطاب العربي بأنه لا يواكب العصر فإن تحليل الخطاب من وجهة نظر الناقد هو سبب لاكتمال النقد.. لعله يسهم في توضيح المسار في ظل فضاءات جديدة هي من عالم الافتراض دون ان يغيب واقع الحال عن كل الفضاءات. |
|