تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما هكذا أراد يسوع!!

ترجمة
الاثنين 22/9/2008
ترجمة: رندة القاسم

مع اقتراب موعد الانتخابات سنسمع المزيد عن سياسات يسوع, مع تسارع كل من الليبراليين والمحافظين لوضع هالة القداسة المسيحية

فوق رؤوسهم, ودون أن يقولوها مباشرة فإنهم يشيرون إلى أن يسوع نفسه يصوت لهم. ولنضع جانباً لدقيقة فجاجة دس جريمة لطاعة الدينية بالقوة في حلاقيم غير المسيحيين, فإنني أعتقد أن سياسات كهذه إهانة لرسالة يسوع.‏

باعتقادي إن يسوع ماكان ليبرالياً ولامحافظاً بالمعنى التقليدي لهاتين الكلمتين, فالليبرالية والمحافظة طرفا نقيض في نظامنا السياسي, وإذا كان هذا النظام بحد ذاته عنيفاً واستغلالياً عندها لن يكون من الكافي وجودك على الجانب الألطف والأودع في هذا النظام, فهذا يشبه كونك الحارس الأظرف في معسكر اعتقال.‏

قد يبدو الليبراليون والمحافظون مختلفين تماماً بالنسبة لمعظمنا في الولايات المتحدة, ولكن بالنسبة لبؤساء الأرض , ستحدد الانتخابات الأميركية إذا ما كان الفقراء سيتعرضون للسلب بالسلاح أو بالاتفاقيات الاقتصادية.‏

في العراق, على سبيل المثال, تلت حرب بوش الأسلحة اقتصاديات ليبرالية جديدة ترمي إلى الكثير من موت المدنيين.‏

وخلال إدارة كلينتون, أدى الخطر الاقتصادي الأقسى في التاريخ الحديث والمقبل بتفجيرات عابرة إلى موت الكثير من المدنيين وخلال كل هذه الأحداث, استمر العالم الأول بامتصاص الثروات من العالم الثالث.‏

السيناريو يمنحنا خيارات كئيبة على المدى القصير لذا علينا أن نحتفظ بقدم خارج هذا المجال المؤسف للخيارات المتوافرة. فإذا كنت إنساناً روحياً في أي شيء, فإنه يعني عدم قبول الأوضاع الاجتماعية التي فرضت عليك.‏

قناعتي هي أن يسوع أقرب لما اعتدنا تسميته) الفوضوي( (المؤيد لنظرية الفوضوية السياسية التي ترفض أشكال السلطة الحكومية وتدعو للتعاون الطوعي بين أفراد المجتمع) يسوع علمنا أن أي نظام سلطة هو عنف في الأصل, وأشار إلى أن أي نظام اقتصادي يمسك ثمن لقمة العيش عن الفقراء هو لصوصية, الإنجيل الأصلي لم يوضع ليغدو الأساس في اللاهوت غير المؤثر في السياسة والمدرس في المدارس الدينية.‏

ولاهو خطة لفرض المسيحية الطائفية على بقية العالم.‏

فالملائكة في عيد الميلاد تنشد السلام على الأرض الإنجيل هو رسالة بأن الحب يجب أن يحكم الأرض, ولأجل أن يغدو السلام حقيقة يجب أن يرفع الفقراء للأعلى ويسقط الجبابرة للحضيض.‏

المسيحية الحقيقية هي صوت واحد في جوقة تضم الأصوات النبوئية في كل الأديان وكذلك وسط أولئك الذين يرفضون الدين.‏

أتباع يسوع هم الذين يحمون الإنسانية من المتعصبين القساة اللاهوتيين الذين يفرضون صورة طائفية للرب على الآخرين.‏

الرسالة المشتركة القائلة إن كل كائن بشري يجب أن يكون حراً تدب الرعب في قلوب أولئك الذين في السلطة سواء أكانت السلطة سياسية أم اقتصادية أم كنيسة, وألفا عام من استسلام الكنيسة للسلطة والامتيازات لم تستطع طمس نداء يسوع الأساسي بالوقوف إلى جانب الفقراء والعراة والمقاومة غير العنيفة لكل امبراطورية ولاسيما الخاصة بك.‏

واعلم أن كلمة فوضوي في بروباغندا ثقافتنا الاكتسابية تعني العدمي الملقي للقنابل, ولكن الكلمة ببساطة تعني )دون قائد( ومن السخرية المرة أن رفض السيطرة من قبل القائد أمر مخيف في أرض )الحرية( وبالتأكيد الفوضوية يستحيل أن تكون ممكنة بشكل كامل عملياً, فهي تمثل نجم القطب صعب المنال الذي يدعونا إلى عالم ينتمي إلينا جميعاً, حيث لا أحد عبد لأحد آخر.‏

فيلم الرجل الوطواط الأخير يعبر عن بروباغندا ثقافتنا المعادية للحرية الحقيقية, فوجه الفوضى المجسد ليس فوضوياً حقيقياً مثل تولستوي المسيحي المسالم, ولكنه رسم كاريكاتوري يشبه الشيطان الذي يريد ببساطة حرق العالم.‏

الفيلم يلتقط بشكل ممتاز الفجوة في رؤيتنا القومية للعالم.‏

فهؤلاء الذين يحمون نظام العنف الذي يستغلنا يعتبرون مخلصين, وأولئك الذين يخربون أنظمة عبوديتنا يجعلون في بوتقة واحدة مع المجرمين والإرهابيين.‏

الفوضوية هي توق عميق لعالم متحرر من قيود تسلسلات السلطة, بالتأكيد, هي لن تغدو نظاماً سياسياً مطبقاً على مجال واسع دون أن ننتقد ذواتنا وستغدو كابوساً عندما نحاول فرضها على العالم بالعنف في الواقع عندما يخرب الفوضويون أنظمة السلطة أو يحطمون الممتلكات, عندها لن يكونوا عنيفين.‏

فالإنسان يكون عنيفاً فقط تجاه الكائنات الحية, التي تعتبرها الفوضوية القيمة المطلقة للحياة, وعندما قلب يسوع الطاولات في المعبد لم يكن يضرب المتعاملين بالنقود, ولكنه كان يحطم وعاء استغلالهم للفلاحين المعانين.‏

الفوضوية عملة لاتناسب أي آلة الآن, ولكن الفوضويين يذكروننا بأننا طالما نتبع قادة يستخدمون الإكراه, فإن حريتنا مجرد شعار, المسيحية, مثل الكثير من ديانات العالم, بدأت كصرخة للحرية, وصحيح أن معظم رجال الدين, في أيامنا قد أضحوا لاشيء سوى أعلام مقدسة لأنظمة الاضطهاد ولكن طالما قلوبهم لاتزال تنبض فإنهم يدعوننا للحرية.‏

لذا كمسيحي سأقرأ ماقاله الفوضويون القدامى بينما تسن القوانين, فحبهم البسيط للإنسانية يجعل عيني تغرورقان بالدموع, وغضبهم ضد كل القيود التي تكبل روح الإنسان يجعلني أقشعر.‏

سوف احترم الفلاحين العاملين في بلدان أخرى, والذين قتلوا لوقوفهم في وجه المصالح المالية الأميركية, وسوف أتذكر صمت الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء في وجه هذا الاضطهاد.‏

أخيراً, سأسمع صرخة من لب ديني للتحرك إلى ماوراء تصنيفات الليبرالية والمحافظة, الملحدين والمؤمنين وسأضع يدي بيد كل من يعمل لأجل عالم أكثر عدالة.‏

* الكاتب هو القس في كنيسة القديس أندرو المشيخية في أوسيتن, تكساس وناشط قديم في حركات تتعلق بالعدالة الاجتماعية والعرقية والجنسية.‏

الإنترنت عن موقع counter punch‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية