|
تريبيون ميديا سرفس وأسس رجال بوش, ولاسيما- المحافظون الجدد- منهم سوابق سياسية عديدة في أميركا من المحتمل أن تبقى تداعياتها مستمرة لأعوام قادمة: فسيبقى معتقل غوانتنامو والمواقع السوداء في الخارج, إضافة إلى أكثر من ألف قاعدة عسكرية في الخارج, من ضمنها على الأرجح القواعد الخمسون القائمة حاليا والتي لاتزال الإدارة الأميركية تريد الاحتفاظ بها في العراق بدع عودة قواتها هذا إذا عادت هذه القوات اصلا. وستترك أيضا ترتيبات ترحيل وظائف التعذيب والاختطاف في الخارج للإدارة القادمة وبصرف النظر من سيدخل المكتب البيضاوي في كانون الثاني القادم سواء كان أوباما أوماكين, فمن المؤكد أن الرئيس الجديد سيجد نفسه أمام تركة ثماني سنوات من التعديات والتجاوزات في السياسة الخارجية والمشكلات والإخفاقات التي لم تحل, كل ذلك يحصل وسط أجواء أزمة دولية في القوقاز وشبح الصدام مع روسيا. وفي حال انتخاب ماكين, فهو رجل يلتزم بالخط السياسي لسلفه ومنها التدخلات العسكرية في العالم الإسلامي لتحقيق الانتصار على ما يسمى الارهابيين والتدخلات السياسية بهدف السيطرة على مناطق بحر قزوين حتى جنوب اوكرانيا المضطربة. وستزداد هذه النزعة التدخلية المحافظة, في إطار سياسي, لتترك من سيخلف بوش أمام نزاعات مستمرة في العراق وافغانستان والصومال بشكل غير مباشر, إضافة إلى أزمة داخلية محتملة في باكستان واستمرار تقدم القوى القبلية والقوى الاسلامية المتشددة المرتبطة ب )طالبان( في باكستان بدون حل واضح من شأنه إرضاء الادارة الأميركية. والحقيقة أنه في جميع هذه الحالات فإن التدخل الأميركي هو ذاته السبب الرئيسي المستمر للنزاع الذي يعد بشكل عام غير مقبول في أوساط السياسة الأميركية, لكن أميركا غير قادرة على حل أي من هذه النزاعات حتى في العراق الذي يصفه بوش والمحافظون الجدد بأنه قد حقق بعض النجاح لكن الحقيقة أن ما حدث هو تدمير أميركا لهذا البلد بلا رحمة واليوم تعب العراقيون من القتال. وستجد الإدارة الأميركية الجديدة بانتظارها الحرب في الصومال إذ يواجه زعماء الحرب وتحالف المحاكم الاسلامية- المقاوم احتلالا عسكريا اثيوبيا غير ناجح خططت له المخابرات المركزية الأميركية السي آي ايه. وبحلول كانون الثاني القادم سيزداد الوضع سوءا في جورجيا وإقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الروسيين وتسممت العلاقات الأميركية, الروسية الثنائية, إضافة إلى العلاقات ثلاثية الأطراف بين أميركا وروسيا وأعضاء الناتو الاوروبيين سيئي الحظ, والمهددين أكثر وغير القادرين على اتخاذ مبادرة تكون لصالحهم. وبهذه الطريقة أصبح تصميم- المحافظين الجدد- على ضرورة أن تهيمن أميركا, مهما بلغ الثمن, على عالم يحركه الطمع والمصلحة الذاتية أمرا مقبولا اليوم نتيجة فشل الجمهور الخاضع لتأثير التلفزيون في فهم ما يعنيه ذلك وتخويف الديمقراطيين- طوال ثماني سنوات وارغامهم على التزام الصمت من خلال تهديدهم بأنهم غير وطنيين. ومن شأن إدارة تضم اوباما وبايدن أن تقلل من خطاب الحرب على الارهاب وتبدأ مفاوضات مع إيران ومن شأنها أيضا أن تؤكد على المصلحة المشتركة للولايات المتحدة وايران في استقرار العراق وافغانستان ومن شأنها أن تعترف بالأهمية السياسية والاجتماعية ل)حماس, وحزب الله ( في العالم الحقيقي. ومن شأن الإدارة الجديدة القادمة أن تبدأ من جديد المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية ثانية إذ يتحدث أنصار ترشيح اوباما عن مخطط مارشال جديد للشرق الأوسط يهدف إلى انقاذ الشرق الأوسط من البؤس والفقر وجعلها موالية لأميركا وصديقة لإسرائيل , لكن للأسف سبق وسمعنا مثل هذا الكلام سابقا, فليس بمقدور الولايات المتحدة فعل ذلك, ثم إن حل مشكلة الشرق الأوسط ليس في المال إطلاقا. ومن شأن زعماء إدارة جديدة في هذا الشأن أن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة بدلا من الاستئساد عليهم وابتزازهم ولصالحهم أن يستأنفوا علاقات جيدة مع المنظمات الدولية ويستغلوها استغلالا جيدا, وأن يحاربوا عدم المساواة اينما وجدت حتى وإن اقتضى ذلك المزيد من الحروب وبذلك سيوجدون عالما أفضل وترحيبا دوليا أكثر. فهل سيفعلون ذلك ? نأمل.. |
|