تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليس بالبوارج والمدمرات!!

فورين أفيرز
ترجمة
الاثنين 22/9/2008
ترجمة : ريما الرفاعي

ينبغي على الإدارة الاميركية الجديدة أخذ العبر من الأخطاء التي ارتكبها جورج بوش أثناء توليه رئاسة الولايات المتحدة لكن لاينبغي عليها التخلي

عن تعزيز القيم الاميركية. يتوقع البعض أن تستطيع القوة الاميركية مواجهة التحديات المقبلة والتي مصدرها الحلفاء القدامى وليس القوة الصاعدة. إن مشاكلات الولايات المتحدة مع العالم بدأت قبل تولي بوش سدة الرئاسة ففي عام 1998اشتكى وزير الخارجية الفرنسي هوبرت فيدرين من الاستخدام المفرط للقوة من قبل الولايات المتحدة وفي عام 1999 قال صموئيل هنتغنتون: إن العالم ينظر إلى الولايات المتحدة كقوة خرقاء وأحادية وزائفة تتدخل في شؤون الآخرين وتستغلهم.‏

ويكمن أصل المشكلة في التحول الجيوسياسي الذي أعقب انهيار الاتحاد السوفييتي وتأثيره على كيفية رؤية القوى العظمى لنفسها وللعالم, وفي تسعينيات القرن الماضي بدأ الحديث عن مشاكلات في العلاقات بين الحلفاء الذين ماعادوا يحتاجون بعضهم البعض كما في السابق.‏

فالاتحاد الأوروبي حقق في تسعينيات القرن الماضي تحولاً إنسانياً مبرهناً على أن الامم يمكنها أن تحتفظ بسيادتها وتستبدل القوة بالقانون الدولي.‏

وخلافاً لذلك, اعتقد المسوؤلون في إدارة كلينتون أنه يتوجب عليهم حماية الأمن الدولي عبر إرسال حاملات طائرات إلى تايوان والعراق والسودان وقصف الصواريخ. وقد قالت حينها مادلين اولبرايت: إذا كان علينا استخدام القوة وذلك لأننا أمريكا... نحن نرى بعيداً إلى الأمام. وقد اشتكى حينها الصينيون من القوة الاميركية بعد أن قصف الطيران الاميركي السفارة الصينية في بلغراد أثناء حرب كوسوفو في حين وصف وزير الخارجة الروسي ايغور ايفانوف الحرب بأنها الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.‏

أما في حقبة بوش فقد انسحبت الإدارة الاميركية من اتفاقية كيوتو في الأشهر التسعة الأولى وأعلنت معارضتها لمحكمة جرائم الحرب الدولية واتفاقية وقف انتشار الأسلحة النووية, وبدأت بالانسحاب من اتفاقية معارضة انتشار الصواريخ البالستية. إن كلينتون كان يراوغ بأن الولايات المتحدة ستصادق على هذه الاتفاقيات يوماً ما إلا أن بوش أعلن صراحة معارضته الشديدة لها وعندما كان بوش مرشحاً للرئاسة سئل عما إذا كان سيتدخل في راوندا, فأجاب إنه لايجب على الولايات المتحدة ارسال قوات إلى الخارج لوقف التطهير العرقي والمذابح الجماعية في دول خارج مصالحنا الاستراتيجية ولكن بعد توليه الحكم كانت الاستراتيجية الاميركية هي تحويل الولايات المتحدة إلى شرطي دولي. وفي استطلاع أجري في أوروبا عام 2001 عبر 70% من الأوروبيين عن اعتقادهم بأن إدارة بوش اتخدت قرارات تعتمد على مصالحها فقط.‏

وهذا كان الاعتقاد السائد وقت وقوع أحداث 11 أيلول بأن الهجمات أحدثت تحولاً في سياسة بوش الخارجية لكنه لم يكن جذرياً ومع بدء الحرب على الارهاب, وتحديداً على أفغانستان لم تكن نظرة العالم إلى الولايات المتحدة كقوة عظمى تبحث عن مصلحة عالمية, وإنما كقوة تبحث في تدمير من تجرأ على مهاجمتها, ورأى الأميركيون أن العالم المتعاطف معهم جراء الهجوم الذي أصابهم يجب أن يتحد معهم, بل لاتزال هذه الأفكار لدى البعض حتى الآن أما الأوروبيون فقد اعتبروا ما جرى فرصة جيدة لأمريكا كي تعي أنها كباقي الدول عرضة للهجوم.‏

ومعظم زعماء العالم بمن فيهم الأوروبيون اعتبروا أن السياسات والممارسات الأميركية الخاطئة هي السبب وراء هذا الهجوم ورأى قادة العالم أن أمريكا تشن الحرب على أفغانستان لمنفعتها الخاصة, وهذا ما جعل الأمر صعباً على الولايات المتحدة تحويل صراعها في أفغانستان إلى صراع من أجل النظام الدولي.‏

إن الحرب على الارهاب أحدثت الكثير من الانقسامات في الساحة الدولية وبين الحلفاء بدل الاتحاد, فالولايات المتحدة بات ينظر إليها على أساس الأنانية وعدم الاكتراث بنتائج تصرفاتها بسبب حرصها على مصالحها الخاصة فقط. وجاء غزوها الأحادي للعراق ليسبب لها الكثير من المشكلات الإضافية خاصة بعد فضائح سجن أبو غريب و سجن غوانتانامو فضلاً عن النفقات الكبيرة للحرب والخسائر البشرية الباهظة ماتسبب في تشويه صورتها وزيادة الكراهية لها في العالم.‏

إن لدى الإدارة الجديدة فرصة للتعلم من أخطاء سابقتها, إضافة إلى البناء على التطور الذي قامت به إدارة بوش لتصويب هذه الأخطاء والتخمينات من أن القوى الأخرى ستتحالف معاً ضد قوة الولايات المتحدة أمر مستبعد أنه صحيح إن هناك قوى تتحالف سوية ولكن ليس ضد الولايات المتحدة ولدى كل من روسيا والصين املاً ورغبة في تخفيف الهيمنة الأميركية على العالم, ولكنهما في الوقت نفسه تسعيان لضمان دور مناسب لكل منهما على الساحة الدولية كما أنهما يحذران من بعضهما البعض بقدر حذرهما من الولايات المتحدة أما القوى الصاعدة الأخرى مثل الهند والبرازيل فهي لاتسعى إلى منافسة الولايات المتحدة.‏

قبل عدة سنوات, انتقل جاك شيراك في فرنسا وجيراد شرودر في ألمانيا نحو روسيا كوسيلة في تحقيق توازن قوى في موازاة الولايات المتحدة, لكن فرنسا وألمانيا وجل أوروبا يتجهون اليوم في الاتجاه المعاكس. والسياسات الخارجية المؤيدة للولايات المتحدة التي ينتهجها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل تعكس رؤية أوروبية أن علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة مترافقة مع نقد نزيه للولايات المتحدة, تدعم القوة والنفوذ الأوروبي.‏

وبينما تتخوف دول شرق أوروبا من روسيا, فإن دول آسيا والواقعة على الأطلسي اقتربت أكثر من واشنطن بسبب تخوفها من النمو الكبير للقوة الصينية وبعد أن كان التحالف الأمريكي الياباني معرضاً للتآكل في منتصف تسعينيات القرن الماضي, أصبح هذا التحالف منذ 1997 أكثر قوة بين الدولتين.‏

ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها امتلاك نظرة جديدة مفعمة بالكرم والتنور لمصالحهم أكثر من تلك التي تحلوا بها خلال الحرب الباردة . ولايجب على هذه القوى معارضة نشوء أقطاب عديدة في العالم. بل عليها أن تتشارك في طموح مشترك بإنشاء نظام دولي ليبرالي مبني على أسس وقواعد ديمقراطية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية