|
سينما لن يُنقِص من قيمة ما تقدمه من أعمال هامة ? هل يتضارب المستوى الفكري مع المفهوم الربحي ? ما مفهوم الفيلم التجاري وهل سيكون إنتاجه مستقبلاً من حصة القطاع الخاص (إن وجِد) والأفلام المحملة بالمضامين الفكرية من حصة القطاع العام ? أم إن الأمور لا تُكال بهذه المقاييس ?.. تساؤلات عديدة حاولنا استقاء الإجابة عنها من الناقد محمد الأحمد مدير عام المؤسسة العامة للسينما والمخرج سمير ذكرى . يشدد الناقد محمد الأحمد مدير مؤسسة السينما على فكرة إيجاد صيغة ليكون هناك عائد من بعض الأفلام التي تنتجها المؤسسة , يقول : لقد أُرِيد للمؤسسة أن تكون ذات طابع اقتصادي وبالتالي لا بد من البحث عن الوسائل لسد التكاليف المترتبة عليها فنحن مؤسسة اقتصادية ونتلقى معونات من الدولة لأننا ننتج أفلاماً ثقافية تعبر عن قضايانا القومية وثقافة البلد وإرثه , وهذه الموضوعات كلها لا تعود بالمال الوفير الذي يكفل للمؤسسة أن تمول نفسها بنفسها , فكنا نتلقى معونات من وزارة المالية عبر كل تلك السنوات التي مرت وزادت الحاجة بعد أن أُلغي مرسوم حصر الاستيراد الذي كان يؤمن للمؤسسة بعض الاحتياجات فلم نكن نتّكل بالكامل على وزارة المالية ولكن بعد إلغاء المرسوم أصبح هذا الشأن منوط بها . لا بد أن ندرك أن الدولة مستقبلاً لن تستطيع تمويلنا بنسبة 100% فلا بد من أن نمول أنفسنا وإن بجانب , فالفيلم الذي يكلفنا عشرين مليون ليرة لا نستطيع القول أنه كلف هذا المبلغ ولم يعود منه سوى (ملاليم) الليرات وبالتالي لا بد من أن نفكر بطريقة لا أقول أنها تجارية وإنما اقتصادية . وهذا الأمر لست أنا من وضعه وإنما هو تطبيق لآلية إنتاج معمول بها في أرقى دول الإنتاج السينمائي في العالم فعندما أقول سننتج أفلاماً تجارية ليس معنى ذلك أننا سننتج أفلاماً رخيصة المستوى وإنما أفلاماً بسيطة التكلفة وبمعدات الديجيتال وبأيام تصوير أقل ودون (خام) وهذا الفيلم نستطيع تسويقه في صالات السينما والمحطات التلفزيونية ويعيد لنا بعض المال المصروف عليه , فهناك شركات عالمية عملاقة تنتج فيلماً يكلف حوالي (30) مليون دولار وهي تعرف أنه لن يعود بأكثر من خمسة ملايين ولكنه سيشارك في مهرجانات وسيحقق سمعة جيدة ويقومون بالمقابل بإنتاج أفلام رخيصة تعدل الخسائر التي يمكن أن تتأتى من إنتاج هذا النوع , ونحن نفكر في المؤسسة وبتواجد هذا الكم من المخرجين الذين ينتظرون فرصة أن نخوض هذه التجربة , فسنُبقي على إنتاجنا الثقافي الهادف لأننا لا نريد للمؤسسة التي أنتجت (كفر قاسم , الليل , نجوم النهار , ليالي ابن آوى , تراب الغرباء ..) أن توقف هذا المشروع ولكن بالمقابل لا بد من التفكير ألا نرمي بعدم قدرتنا على سد مصاريفنا بالكامل على كاهل الآخرين , لذلك ستكون هناك إنتاجات تجارية نظيفة الفكر وبتكلفة أقل بكثير من أفلام المؤسسة . يرى المخرج سمير ذكرى أن أفلام المؤسسة العامة للسينما أفلام تجارية ويمكن أن تُباع وتحقق إيرادات , يقول : هناك خلط في المفاهيم وكأن ما يُنتج هو غير تجاري , فمفهوم التجاري في أي بضاعة له منحيان (درجة أولى وثانية) فالأفلام متنوعة وليس كل مخرجي المؤسسة يقدمون البضاعة ذاتها ولدى الحديث عن (الدرجة الأولى) أي ما يُحسب على أنه غير تجاري أقول أن الأفلام السورية حازت على جوائز كثيرة وجاء وراء كل جائزة عدد كبير من المقالات في الصحافة الأجنبية وإن حسبنا ذلك دعاية لسورية فيكون الفيلم رابحاً لأن الدعاية تُحسب ضمن التجارة , وعندما سألني رجل أميركي إن تمت مراقبة فيلم (علاقات عامة) ? قلت له (نعم وتمويله حكومي 100%) عندها دُهش .. فكم تدفع الدولة مقابل هذه الدعاية لتغيير قناعات الأميركي ? أليس ذلك كله دعاية ?.. ثم من قال أن هذه الأفلام لا تُباع وأنه لم يتم طلبها ? فالتلفزيونات الغربية كلها تريد شراء أفلامنا ولكن البضاعة موجودة وليس هناك بائع لأن الإدارات غير مهتمة للبيع والتسويق . لقد أنتجت المؤسسة (علاقات عامة) وكان فيلماً جماهيرياً فعرض لمدة شهر في اللاذقية وكانت الصالة مكتظة بالحضور وحدث الأمر ذاته في حمص لكن في حلب توقف العرض لأسباب لا أعرفها ولم يعرض في دمشق علماً أنه لم يُدفع له للدعاية . وإن تكلمنا عن القطاع الخاص فقد توقف عن الإنتاج علماً أن إنتاجه بلغ في السبعينيات (17) فيلماً في السنة . وإن كان القصد من الإنتاج التجاري التوجه إلى أبسط ثقافة ممكنة وأوسع شريحة فسبق وأنجز القطاع الخاص أفلاماً كانت أسوأ من الأفلام التجارية المصرية .. كما أن دور العرض حالياً محدودة جداً لا بل غير موجودة وبالتالي حتى إن وجِد الفيلم الجماهيري بالمعنى التجاري لن يسترد ثمنه لدى العرض . وأرى أن المفهوم الجماهيري هو وهم فهناك ثلاثة أمور هي الأكثر جماهيرية (الدين , الفلافل , الجنس) ممنوع تناولها فلا تستطيع مناقشة موضوع الدين أو حزام الفقر وموضوع الجنس .. كما أن التقنيات على الطريقة الأميركية كالمطاردات غير ممكنة وليس هناك إنتاج ضخم , فكيف سنجذب المشاهد ?.. لقد حقق العاملون في السينما السورية المعادلة الصعبة (ببلاش) لطرح قضايا لعبوا عليها لخلق سينما تحاكي حياتنا اليومية . الأفلام المُنتجة في المؤسسة هي أفلام تجارية وليس لدينا أفلام ذات مستوى فلسفي بعيد المدى , وأذكر هنا أن المخرج وديع يوسف سبق وأنجز فيلماً تجارياً (المصيدة) ولكن لم يقل له أحد أنجز فيلماً آخر . |
|