|
رمضانيات وقد انقضى العشر الأول من رمضان المسمى عشر المرق حيث انهمكت المرأة بإعداد المائدة الرمضانية التقليدية العامرة بأنواع متعددة من ألوان الطعام , ونلاحظ في الأعوام الأخيرة اختلاف الطقوس عما كان عليه الحال من قبل واختراقا واضحا للأعمال المخصصة لكل عشر من أعشار رمضان , فما تزال أسواق الألبسة تفيض بزوارها بل تزيد عما كانت عليه في العشر الثاني المخصص لها , وتستمر محال الألبسة في فتح أبوابها إلى ما بعد منتصف الليل . ومع الانشغال بشراء ألبسة العيد تستمر الأسرة السورية ولا سيما في المدن بصناعة الحلويات في المنزل , ويشترك في هذا العمل جميع أفرادها كبارا وصغارا , وعلى وجه الخصوص إعداد العجين , حيث تكون المرأة في غاية السرور إذا قام الرجل بهذه المهمة , بل وتتباهى بها أمام أقاربها وهي تخبرهم أن أبا العيال عجن عجينة الحلويات , وهناك عدة أنواع من الحلويات يتم تصنيعها في المنزل , وأغلبها المعمول المحشو بالفستق الحلبي وأقراص العجوة والسمبوسة . ويلاحظ أن حجم قرص الحلويات أصبح في هذه الأيام صغيرا جدا قياسا على ما كان عليه في القرن الماضي وحتى مطلع السبعينيات , ولو قدمت حلويات اليوم إلى الضيوف في تلك الفترة لكانت مثار سخريتهم , ولوصفوا صاحب البيت بالبخل والتقتير , والعكس بالعكس لو قدمت حلويات الأمس في هذه الأيام لوصفوا قطع الحلوى ب ( أنها دبجة وغير مشلبنة ) . و كانت ( الكرابيج ) من أنواع الحلويات التي تعد في البيوت ولم يعد لها الآن وجود إلا ما ندر , وهي مثل المعمول من حيث الشكل لكن حجمها كبير , وغالبا ما كانت المادة المحشوة بها من الجوز البلدي , ويرش عليها السكر الناعم بعد دقه بالهاون , وربما سميت (كرابيج) لأن القطعة منها مشبعة , و قطعتان أو ثلاث منها ثقيلة على المعدة وتنزل عليها كما الكرباج على الجسم . وكانت بعض الأسر تقوم بصنع البرازق والغريبة والبسكويت وأقراص جوز الهند , وهي خاصة للأطفال ولا تقدم للضيوف في العيد . وقبل أن تتحفنا شركات الأدوات المنزلية بالأفران الكهربائية المنزلية , كان يتم شي الحلويات في أفران الحارة , ومن المشاهد الفلكلورية التي اختفت أن يذهب الأطفال إلى الفرن لجلب الصواني الكبيرة , ليعودوا إليه بعد ساعات برفقة آبائهم وهي محملة بالمعمول والكرابيج والغريبة وأقراص العجوة , وكان لكل بيت موعد محدد , و على من يود شي الحلويات في فرن الحارة أن يتفق مع صاحب الفرن , وغالبا ما يجري شي الحلويات بعد الإفطار . بقي أن نذكر أن بعض الأسر الثرية لم تكن تشغل نفسها بصناعة حلويات العيد في المنزل , ولتأمينها كان أمامها إحدى طريقتين , إما شراء الحلويات الجاهزة أو تكليف البغجاتي ( صانع الحلوى ) بصنعها للأسرة وفق المواصفات التي تحددها ربة المنزل من الفستق الحلبي الفاخر والسمن العربي . |
|