تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عشر الورق .. حلويات العيد

رمضانيات
الاثنين 22/9/2008
محمد قاسم الخليل

يقسم السوريون أيام رمضان إلى ثلاثة أعشار , فقالوا : أول عشر مرق وثاني عشر خرق وثالث عشر ورق , وسبق أن تحدثنا عن عشري المرق والخرق , وها قد وصلنا إلى الأيام العشرة الأخيرة من رمضان المسماة ( عشر الورق ) والمقصود بالورق , رقائق العجين التي تضم بين حناياها مختلف صنوف المكسرات و يصنع باتحادهما كافة أنواع الحلويات .

وقد انقضى العشر الأول من رمضان المسمى عشر المرق حيث انهمكت المرأة بإعداد المائدة الرمضانية التقليدية العامرة بأنواع متعددة من ألوان الطعام , ونلاحظ في الأعوام الأخيرة اختلاف الطقوس عما كان عليه الحال من قبل واختراقا واضحا للأعمال المخصصة لكل عشر من أعشار رمضان , فما تزال أسواق الألبسة تفيض بزوارها بل تزيد عما كانت عليه في العشر الثاني المخصص لها , وتستمر محال الألبسة في فتح أبوابها إلى ما بعد منتصف الليل .‏

ومع الانشغال بشراء ألبسة العيد تستمر الأسرة السورية ولا سيما في المدن بصناعة الحلويات في المنزل , ويشترك في هذا العمل جميع أفرادها كبارا وصغارا , وعلى وجه الخصوص إعداد العجين , حيث تكون المرأة في غاية السرور إذا قام الرجل بهذه المهمة , بل وتتباهى بها أمام أقاربها وهي تخبرهم أن أبا العيال عجن عجينة الحلويات , وهناك عدة أنواع من الحلويات يتم تصنيعها في المنزل , وأغلبها المعمول المحشو بالفستق الحلبي وأقراص العجوة والسمبوسة .‏

ويلاحظ أن حجم قرص الحلويات أصبح في هذه الأيام صغيرا جدا قياسا على ما كان عليه في القرن الماضي وحتى مطلع السبعينيات , ولو قدمت حلويات اليوم إلى الضيوف في تلك الفترة لكانت مثار سخريتهم , ولوصفوا صاحب البيت بالبخل والتقتير , والعكس بالعكس لو قدمت حلويات الأمس في هذه الأيام لوصفوا قطع الحلوى ب ( أنها دبجة وغير مشلبنة ) .‏

و كانت ( الكرابيج ) من أنواع الحلويات التي تعد في البيوت ولم يعد لها الآن وجود إلا ما ندر , وهي مثل المعمول من حيث الشكل لكن حجمها كبير , وغالبا ما كانت المادة المحشوة بها من الجوز البلدي , ويرش عليها السكر الناعم بعد دقه بالهاون , وربما سميت (كرابيج) لأن القطعة منها مشبعة , و قطعتان أو ثلاث منها ثقيلة على المعدة وتنزل عليها كما الكرباج على الجسم .‏

وكانت بعض الأسر تقوم بصنع البرازق والغريبة والبسكويت وأقراص جوز الهند , وهي خاصة للأطفال ولا تقدم للضيوف في العيد .‏

وقبل أن تتحفنا شركات الأدوات المنزلية بالأفران الكهربائية المنزلية , كان يتم شي الحلويات في أفران الحارة , ومن المشاهد الفلكلورية التي اختفت أن يذهب الأطفال إلى الفرن لجلب الصواني الكبيرة , ليعودوا إليه بعد ساعات برفقة آبائهم وهي محملة بالمعمول والكرابيج والغريبة وأقراص العجوة , وكان لكل بيت موعد محدد , و على من يود شي الحلويات في فرن الحارة أن يتفق مع صاحب الفرن , وغالبا ما يجري شي الحلويات بعد الإفطار .‏

بقي أن نذكر أن بعض الأسر الثرية لم تكن تشغل نفسها بصناعة حلويات العيد في المنزل , ولتأمينها كان أمامها إحدى طريقتين , إما شراء الحلويات الجاهزة أو تكليف البغجاتي ( صانع الحلوى ) بصنعها للأسرة وفق المواصفات التي تحددها ربة المنزل من الفستق الحلبي الفاخر والسمن العربي .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية