تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليوم العالمي ل (السلام)!!

الافتتاحية
الاثنين 22/9/2008
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

سيدي بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ...

سيدي ميغيل ديسكوتو رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.. (وقد أدهشني حديثك على قناة الجزيرة منذ أيام).‏

هل تسمحان لي والأمم المتحدة تحتفل باليوم العالمي للسلام, أن أسأل: أين السلام?!‏

نعم أيها السيدان المبجلان الحريصان على السلم العالمي, إنني أبحث عن السلام فلا أجده?!‏

ليس فقط لأنني عشت الستين عاماً التي مضت من عمري لم أر فيها السلام, وليس فقط لأن قوى عالمية متجبرة تعدُ أولادي بستين عاماً أخرى بلا سلام, وفق مباركة الرئيس الأميركي جورج بوش لإسرائيل بميلادها الستين.. وليس فقط لأن أرضي محتلة وعدوي غاصب, وليس فقط لأن الفقر ينتشر والجوع يتحدى, وتجارة الأسلحة ناشطة في كل صوب, صناعها يجنون الأرباح فتمتلئ خزائنهم, وتنتفخ كروشهم مثل كروش الأطفال الجياع.. مع فرق العامل المسبب..‏

ليس كذلك كله وحسب بل لغيره أيضاً واسمحا لي أن أقدم لكما وللأمم المتحدة شريط أهم الأخبار لهذا اليوم:‏

غزة تحت حصار الجوع والمرض و(إسرائيل) تفتح لأهلها معبراً ليومين مصحوباً بالعديد من الشروط.. هذه غزة التي لا يجد الناس فيها فرصة لنقل الضحايا إلى مراكز عناية يسمونها تجاوزاً (مشافي) وقد لا يجدون فرصة لدفن موتاهم..‏

العراق أكمل المليون ضحية لحرب أميركا على شعبه الذي يواجه اليوم إضافة إلى السلاح والتدمير والقتل, وباء الكوليرا..‏

طائرات أميركية تقصف منزلاً عراقياً فتقتل ثمانية من أسرة واحدة..‏

أفغانستان تواجه الحرب اليومية وتظاهرات في فرنسا وألمانيا تطالب بسحب قواتهما.‏

انفجار في باكستان يقتل أكثر من ستين ويجرح أكثر من مئتين.‏

والجوع والفقر يزحفان.. والدول المتقدمة تنشئ بالنص القانوني وبالبناء على الأرض جداراً تحلم بأن يعزلها عن مشكلات العالم الثالث.‏

لم ينته الشريط بعد.. لكن أعتقد أن هذا يكفي كي يكون اتجاهي للكفر بالسلام منطقياً..‏

ولكن مع ذلك كله لن أكفر بالسلام.. سأتفاءل.. أحب أن أتفاءل.. وأنا ابن هذا الوطن المسالم, الذي طالما اختار استراتيجيا السلام طريقاً أولى لاستعادة أرضه المحتلة.‏

نحن غالباً في هذا البلد متفائلون بالسلام.. لكن..?!‏

أين السلام?‏

إن الواقع الراهن للعالم بقطبه الأوحد والمهتز والمختل الذي تسيطر عليه الرأسمالية العالمية بشكل شبه كامل.. لا يمكنه أن ينتج السلام..‏

الرأسمالية لا يمكنها أن تنتج السلام, هي تسلّع كل شيء.. ولكل شيء سوقه.. البشر.. السلاح.. الحروب.. الجوع.. الفقر.. لكل شيء سوقه.. حتى النشاطات الاجتماعية السلمية الجميلة كالرياضة مثلاً لها سوقها... فقد سقطت هواية الرياضة لتصبح احترافاً.. يعني تنازعاً على الموارد والمردود!‏

العالم الراهن سوق.. ولأنه كذلك على كل متسوق أن يسعى للاقتناص قبل أن يسبقه غيره.. وبالتالي يقوم سعير من الحروب النفسية والفعلية, الفردية والجماعية, من أجل فحش التملك وتسليع كل الاعتبارات.. وهكذا يتحول العالم إلى غابة في زمن موحش.‏

ومع ذلك أنا متفائل..‏

متفائل بحتمية اتجاه البشرية إلى السلام والتنمية وحياة الرخاء, رغم كل المقدمات التي حوتها هذه المقالة, والتي قد لا توصل إلى التفاؤل كنتيجة.. أنا متفائل..‏

قناعاتي الشخصية الفكرية تدفعني للتفاؤل.. وكذلك بلدي ووطني.. نحن في هذا البلد اليد الممدودة دائماً للسلام.. تصنعه ولا تستجديه.. واليد الثانية يجب أن تبني.. والبناء من أجل الإنسان والمستقبل هو السلام.. كما أن إنهاء الاحتلال هو شرط السلام..‏

في اليوم العالمي للسلام.. كل عام والعالم بسلام.. كل عام وكل شهر وكل يوم وكل لحظة ووعدنا لأرضنا المحتلة بالسلام وعد لا يقبل تردداً.. ولجولاننا السلام..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية