تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكيان الصهيوني وفاتورة الحماقات المرتكبة

دراسات
الاثنين 2-2-2015
عبد الحليم سعود

يجمع الكثير من المهتمين بالشأن الاستراتيجي والعسكري بأن الطاقم السياسي والأمني والعسكري المأزوم في الكيان الصهيوني تلقى يوم الأربعاء الماضي صفعة عسكرية مدوية على يد محور المقاومة جعلته فاقداً للوعي ومتخبطاً وقلقاً على مصير كيانه العدواني أكثر من أي وقت مضى،

حيث أدخلته عملية مزارع شبعا الثأرية الناجحة في حمّى البحث عن أجوبة تتعلق بأسئلة مصيرية حول الدور والوظيفة المناطة بكيانه في المرحلة القادمة.‏

ولا يختلف اثنان في أن الخطاب المفصلي الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال تأبين شهداء العدوان على القنيطرة شكل صفعة مكملة لا تقل قوة وتأثيراً عن سابقتها، لاسيما وأنه صاغ رؤى وقواعد ومعادلات جديدة في التعاطي مع اعتداءات الكيان الصهيوني المستقبلية، الأمر الذي أرخى بذيوله القاتمة على مستقبل الإرهابي نتنياهو وحكومته المتطرفة وقلص خياراتهما إلى الحد الأدنى من العربدة والعدوان خاصة بعد أن ألغى السيد نصر الله كافة قواعد الاشتباك المعمول بها في الماضي على مختلف الجبهات ولا سيما بعد حرب تموز عام 2006.‏

منذ بداية الأزمة في سورية قبل أربع سنوات دسّ الكيان الصهيوني أنفه القذر في مسرح الأحداث السورية محاولاً الاستفادة من الظروف التي أفرزتها الجماعات التكفيرية المسلحة، من أجل زعزعة الأوضاع في سورية وإضعاف جيشها وقلب وتغيير أولوياتها من أولويات تحرير الجولان المحتل ومساعدة الشعبين اللبناني والفلسطيني في تحرير أراضيهما المحتلة، إلى أولويات البحث عن سبل إيقاف الحرب العدوانية الدائرة والتخلص من عبء الإرهاب العابر للحدود ومن ثم الانشغال بملف إعادة إعمار ما هدمته هذه الحرب العدوانية المجرمة والتخلي عن الدور الإقليمي والدولي الذي تلعبه سورية تاريخيا، الأمر الذي ترجمه الكيان الصهيوني دعماً ومساندة وتسليحاً للجماعات التكفيرية كجبهة النصرة وما يسمى الجيش الحر بهدف إنشاء منطقة عازلة على طول حدود الجولان المحتل لكي تكون مقراً آمناً وقاعدة انطلاق للإرهابيين باتجاه الداخل السوري من أجل نشر العنف والفوضى والخراب، وإغراق الساحة السورية في مستنقع الإرهاب كما أغرقت ساحات أخرى مجاورة كمصر والعراق وليبيا واليمن..إلخ.‏

ولكن هذه المحاولات الصهيونية المتكررة بقيت عديمة الجدوى ولم يكتب لها النجاح، لأن الإرهاب التكفيري الوهابي المدعوم من قبل إسرائيل وبعض الصهاينة المستعربين والغربيين تلقى ضربات قوية وموجعة في الآونة الأخيرة على يد الجيش العربي السوري البطل في مختلف المناطق السورية وخاصة في ريفي درعا والقنيطرة، وبات قاب قوسين أو أدنى من السقوط والانهيار ومن ثم العودة من حيث أرسله أربابه ومصنعوه في المنطقة والعالم، وإذا كانت أوروبا البعيدة آلاف الكيلو مترات عن منطقتنا قد حصدت بعض ما زرعته من إرهاب وراحت تتحسس رأسها من جحيمه فالأولى بإسرائيل الإرهابية العابثة «بمستودع البارود» أن تخشى على مصيرها ومستقبلها أكثر من غيرها.‏

وإذا كانت الحماقة والتهور سمتين بارزتين في السلوك الصهيوني على مدى عمر الكيان الصهيوني، فإنه من العبث والجنون والوهم أن يعتقد نتنياهو أن بإمكانه تصدير أزماته الداخلية والنفسية إلى خارج كيانه ومن ثم الإفلات من العقاب، ولذلك فإنه يجد نفسه مرغماً على إعادة حساباته جيداً والعد للألف قبل الإقدام على أي عدوان جديد في ضوء معطيات الأيام الأخيرة، لأن محور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان مروراً بسورية والعراق وفلسطين لم يسقط من حساباته المعركة المصيرية مع الإرهاب الصهيوني أصل الإرهاب في المنطقة وسببه المباشر، وإن شغلته المعركة الدائرة مع الإرهاب التكفيري وبعض الملفات الأخرى.‏

وفي ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة بسبب تمدد الإرهاب التكفيري وتدخل الغرب بذريعة محاربة هذا الارهاب، نأمل أن تدرك دول المنطقة أن هذا الإرهاب التكفيري الذي لا يستهدف سوى الجيوش العربية هو صنيعة إسرائيلية بامتياز ويجب مواجهته على هذا الأساس وعدم الاختباء خلف الأصبع ودفن الرؤوس في الرمال، إذ كيف لعاقل في هذا العالم أن يقتنع أن جماعات إرهابية تحمل لواء الإسلام وتردد شعاراته تتجاهل الاحتلال الصهيوني للقدس ومحاولاته المستمرة لهدم المسجد الأقصى ما لم تكن هذه الجماعات عميلة لهذا الكيان وتعمل تحت إمرته ووفق أجندته..؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية