|
إضاءات وكذلك اجهاض اي توجه وحدوي عربي وكل خطر قائم او محتمل يهدد الكيان الصهيوني ومشروعه الاستعماري الاستيطاني الاحلالي اضافة الى منع اي دولة عربية او اسلامية من بناء دولة حديثة قوية عسكريا واقتصاديا وعلميا بحيث يبقى فارق حضاري ما بين الكيان الصهيوني وكل ما يشكل او يمكن ان يشكل خطراً قائما او مستقبليا عليه حتى لو كان في إطار الاحتمالات . وجريا على ذلك وإعمالاً لتلك الاستراتيجية التي شكلت ثابتا لدى كل راسمي ومنفذي السياسات من حكام وصلوا الى السلطة في الكيان الصهيوني اتبعت الحكومات المتعاقبة نهجا ثابتا حيال تلك المسائل الى درجة انها شكلت قاسما مشتركا لديها بل انها كانت تتنافس في درجة التزامها بها والتطرف في التعامل مع موجباتها مهما كانت الكلفة المترتبة على ذلك وتبعاتها السياسية والقانونية والاخلاقية ومدى انسجامها من عدمه مع شرعة الأمم والقانون الدولي . واستكمالا لذلك الدور الوظيفي وتحت عناوين الأمن والدفاع عن ( شعب اسرائيل ) شن العدو الصهيوني العديد من الحروب وارتكب عشرات المجازر ومارس كل أنواع القتل والارهاب والاغتيال السياسي بحق دول ومنظمات وأفراد وكان يجد الغطاء السياسي والتبرير من قوى كبرى تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول ارتبطت بها بحكم فائض قوتها العسكرية والاقتصادية ونفوذها السياسي دون ان تلحقه اي مسؤولية او حتى قرار ملزم من المنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي ما جعل قادة الكيان يمارسون كل اشكال العدوان على أغلب دول المنطقة وشعوبها وخاصة الشعب العربي الفلسطيني الذي كان ضحية مؤامرة استعمارية غربية وتواطؤ اقليمي مكشوف . وبذاكرة خلفية يمكن لأي باحث سياسي ان يسترجع عشرات بل مئات الصور التي تدلل على ذلك من مجزرة دير ياسين الى حرب السويس عام ستة وخمسين الى عدوان حزيران عام سبعةً وستين ومجازر نجع حمادي وبحر البقر في مصر مرورا بعشرات الاعتداءات على اهداف مدنية في سورية ومصر بعد ذلك والعدوان المستمر على المخيمات الفلسطينية في لبنان والاردن وصولا للاعتداء على الارضي اللبنانية عام ثمانية وسبعين ثم ضرب مفاعل تموز في العراق عام واحد وثمانين وعدوان السادس من حزيران على لبنان عام اثنان وثمانين ثم مجازر صبرا وشاتيلا ومجازر قانا ناهيك عن عشرات الاغتيالات السياسية لقادة فلسطينيين وعلماء عرب وغيرهم في اكثر من مكان وربما احتاج توثيق جرائم العدو بأشكالها المختلفة لعشرات المقالات بل المدونات والكتب . لقد اعتقد العدو الصهيوني وأقنع حماته في الغرب أنه سيبقى القوة الوحيدة المهيمنة في المنطقة ولن يسمح لأي قوة اقليمية ان تتشكل وتتنامى بحيث تكون في موقع المنافسة له او حتى اي مستوى من مستويات التهديد لوجوده او هيمنته ولن يتوانى عن استخدام كل الوسائل في ذلك بما فيها العمل العسكري المباشر او ما أطلق عليه الضربات الاستباقية بدواعي الأمن الى درجة أنه عمل من أجل أن يسبغ عليها شكلا من أشكال الأمر الواقع او ما يطلق قواعد الاشتباك اوقواعد اللعبة بحيث لا تثير حفيظة احد من اشخاص القانون الدولي بحيث تشكل سابقة بالمفهوم القانوني ، لقد وضعت مراكز القرار ومطابخ السياسة لدى العدو استراتيجية واضحةًالمعالم هدفت لإضعاف دول بعينها وتحطيم جيوش عربية بذاتها ومنها سورية ومصر والعراق مع الاخذ بعين الاعتبار ازاحةَ ومواجهة اي خطر وجودي عليه، من هنا كان استهداف الجمهورية الاسلامية الايرانية والمقاومة الفلسطينية واللبنانية بعد التحولات التي شهدتها المنطقة مع نهايات السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الماضي واستطالات ذلك في المنطقة العربية والاقليم عموما ما شكل أحد أهم التغييرات التي حدثت وغيرت في المعادلة الاستراتيجية مع العدو الصهيوني . ومن منظور استراتيجي غربي صهيوني برزت وصمدت ثلاث قوى في المنطقة بعد معاهدة السلام التي وقعت بين مصر والكيان الصهيوني وهي بقاء سورية في خط المواجهة والممانعة مع العدو وقيام الثورة الاسلامية في إيران وانتهاجها مبدأ الصراع مع العدو الصهيوني وحلفائه ودعم حركات المقاومة للمشروع الصهيوني الاميركي اضافة لصعود المقاومة الوطنية اللبنانية واشتداد عودها بدعم واسناد من سورية، بشكل أساسي هذه المكونات الثلاثة وتماسكها هو الذي شكل حالة المواجهة للمشروع الصهيوني الاميركي في المنطقة وحدّ من استطالاته وتوسعه وهيمنته. والحال وبالنظر الى كل ما سبق مع قراءة موضوعية لواقع القوى في المنطقة راهناً ومع بروز عنصر الارهاب الذي يجري اليوم استثماره ليصب في خانة المعسكر الاميركي الاسرائيلي وكل ما شكله ذلك من استنزاف للقوى التي تواجه المعسكر المشار اليه إلا ان كل المؤشرات تدل على ان ذلك الكيان بدأ يفقد دوره الوظيفي بل وفلسفة وجوده لعدة أسباب أولها أنه لم يعد اللاعب القوي الوحيد في المنطقة بل ثمة قوى أخرى اقليمية صاعدة بدأت تتجاوزه عسكريا واستراتيجيا اضافة الى فشله في اسقاط محور المقاومة او حتى اضعافه الى درجة انه بدأ يضغط باتجاه الاستعانة بالاميركي والغربي لحمايته من تهديدات خارجية في إشارة واضحة لإيران ومحور المقاومة الذي تشكل سورية عموده الفقري ونواته الصلبة وهذا يعني بالمحصلة أن الكيان الصهيوني بدأ يتحول الى عبء اضافي على الاميركي بدل أن يكون ذراعه العسكرية في المنطقة، وهذا ما يفسر الى حد بعيد اللهجة السياسية الاميركية تجاهه في الآونة الأخيرة وهو ما لم تخفه اوساط اللوبي اليهودي وكذلك الصحافة الأميركية التي بدأت تظهر للعلن التصريحات التي تنتقد نتنياهو وحكومته وبيان عدم رغبة الرئيس الاميركي استقباله في واشنطن . إن محاولات قادة الكيان الصهيوني توريط الولايات المتحدة الأميركية في حروب الشرق الاوسط لم يعد خافياً على أحد بما في ذلك الاميركيون انفسهم بدليل التركيز على ما سمي الملف النووي الايراني والتحريض الدائم على مهاجمة ايران لدرء ذلك الخطر المزعوم في حين أن الجميع يعلم امتلاكها مالا يقل عن ٢٠٠ قنبلة نووية. وقبل ذلك يتذكر الجميع دور ها في شن الحرب على العراق عام ٢٠٠٣ عبر ما سمي التحالف الدولي وما انتهى اليه ذلك من إدخال العراق والمنطقة في صراعات داخلية وبينية ما زلنا اليوم نرى تداعياتها على دول المنطقة بالكامل والمستفيد الوحيد منها هو ذلك الكيان . ان العديد من المؤشرات تدل على بداية النهاية شهر العسل الاميركي الاسرائيلي وأن اسرائيل لم تعد ذلك الطفل المدلل الذي يستجاب لكل رغباته وتبرر كل سلوكياته العدوانية فثمة اليوم من يردعه في المنطقة وربما يوجه الصفعة لمن يحاول حمايته وتبرير عدوانيته وهم اللاعبون الجدد الذين بدؤوا يتسيدون ساحات المواجهة في محاربة الارهاب ولا يكتفون بضرب ذنب الأفعى وإنما راس السم فيها . |
|