تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثـــورة العربيـــة قــرار انبثاقهــا مــن دمشــق رغــــم مجـــزرة الســـفاح وتـــــآمر الشــــــريف حســــــين عليهـــــا

مئوية الشهداء
الثلاثاء 3-5-2016
كانت الثورة العربية ستنبثق من دمشق لولا مجزرة السفاح جمال باشا في حركة واحدة ضمت مناضلين من مصر وسورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. بدء كفاح الشعب العربي للخلاص من الاحتلال التركي. كيف استغل الحسين وأبناؤه

فشل الانقلاب العربي في الجيش العثماني لتزعم الحركة العربية ونقل مركزها الى الحجاز بالاعتماد على الاستعمار البريطاني.‏‏‏

‏‏‏

أيتها الامة العربية, يانوابها , يافتيانها الاحرار : ان نظرة واحدة تلقونها على صفحات التاريخ تريكم ان لاتغيب شمس يوم ولايتوارى هلال شهر ولاتنطوي صفحة عام الا وفي بلادكم من مصائب الترك ورزايا سلالة المخربين مالم تره أحقر الأمم ومالم تعانه اذل الشعوب.‏‏‏

أي عربي يذكر الاندلس ولاتصطك ركبتاه حينما يسمع صوت اميرها استجار بسلطان الترك من غارة الافرنج فلم يجره مخافة ان ينال منه الخلافة حتى ذهبت الاندلس:‏‏‏

أي عربي يتصور يوم بغداد العصيب يوم دك الاتراك معالم المدينة العربية..‏‏‏

أي عربي يذكر اخاه في تونس والجزائر اللتين سلمهما الاتراك للافرنج..‏‏‏

أي عربي يعرف كيف بيعت طرابلس وبرقة..‏‏‏

بل أي عربي يتمشى في شرايينه دم اشرف وينبض عرقه لاسم العرب ويقلب بين كفيه هذه الصحيفة التاريخية المخضبة بدماء العرب وضياع بلادهم واستعباد شعوبهم ويعلم أن الاتراك وحدهم سبب هذه الفوادح فلا ينفر الى قومه ويعمل سيفه في رقاب هؤلاء الباغين المخربين..‏‏‏

الجمعية الثورية العربية 1914‏‏‏

ان حركة الحسين وفيصل خلال الحرب العالمية الأولى التي يطلق عليها اسم الثورة العربية معروفة من الناحية التاريخية وفريق من القادة والزعماء السياسيين الذين شاركوا فيها لايزالون على قيد الحياة.. وانه من المسلم به ان لهذه الحركة التي قدر لاحد زعماء مكة ان يقودها وان يكون أبناؤه واحفاده حكاما على غير الحجاز من أرض العرب كانوا يتحكمون في مصائرها السنين الطوال, لم تكن وليدة الحجاز أو الجزيرة العربية بل انها نمت وترعرعت في الهلال الخصيب وعلى وجه التحديد في بلاد الشام بحدودها الطبيعية التي تشمل سورية ولبنان والأردن وفلسطين, ولم تكن مصر بعيدة عنها كل البعد على الرغم من أن الظروف السياسية التي كانت خاضعة لها منذ الاحتلال البريطاني لها عام 1882 كانت مختلفة عن ظروف بلاد الشام الخاضعة للسيطرة العثمانية.‏‏‏

فجمعية- الاخاء العربي- التي تأسست في الاستانة قبل الحرب العالمية الأولى وضمت الطلاب العرب فيها وبعض الرسميين الممثلين للاقاليم العربية مثل الشام وبعلبك وأصدرت صحيفة-الاخاء العثماني- والتي اتسع نطاقها في الاستانة واسست لها فروعا في سورية والعراق.‏‏‏

انما كانت غايتها الدفاع عن حقوق العرب المغتصبة من قبل الدولة العثمانية.. ولم يحل اغلاقها دون متابعة المثقفين العرب نشاطهم للتكتل وتكوين حركة سياسية للمطالبة بالإصلاح والاستقلال فتاسس المنتدى الادبي الذي ضم شبابا من الشام وفلسطين والعراق ولبنان واسهم فيه الشيخ رشيد رضا وكانت التهمة التي وجهتها الدولة العثمانية الى هذا النادي فيمابعد عندما ادانت شهداء 6 أيار هي ان المقصود من تاسيسه اجتماع الشبان في مكان واحد وتدريب أفكارهم على اساسات العنصرية والاستقلال وإيجاد مأمورين ومشوقين مشبعين بفكر الاستقلال لأجل نشر هذا الفكر وتعميمه وتسهيل تطبيق الترتيبات التي يسعى وراءها من قاموا بتشكيل اللامركزية لقصد استقلال البلاد العربية وافتراقها عن حوزة الدولة العلية».‏‏‏

كما وجهت التهمة الى المنتدى الادبي بأن الغاية من تاسيسه ان يجمع كل الطلاب العرب ويبث فيهم فكرة القومية ونهضة العرب باية واسطة.. وكان هؤلاء كلما انتهى فريق منهم بدروسه حمل هذه الأفكار وبثها حيث يتقن من البلاد العربية ولقد كان هذا المنتدى في الحقيقة على اتصال باحرار العرب في جميع اقطارهم يشجعهم ويحاول ان يوحد بينهم ولم يعش المنتدى الادبي طويلا وحلت محله- الجمعية القحطانية- التي ضمت مختلف شباب العرب ضباطا ومثقفين وسياسيين وكان من بينهم عزيز علي المصري ولئن كان العمل السياسي العلني قد أصيب بنكستين فيما يتعلق بالاخاء العربي والمنتدى الادبي, فان الجمعية القحطانية كانت حركة سرية تفرعت عنها ثلاث حركات هي –جمعية العهد-التي ضمت الضباط العرب في الجيش العثماني برئاسة عزيز علي المصري وجمعية- الثورية العربية- وجمعية اللامركزية وكانت هذه التجمعات على اختلاف اسمائها مظهرا لنشاط واحد هو التكتل السياسي لاستقلال العرب وتحسين احوالهم, وقد أصدرت الجمعية الثورية العربية بيانات قوية لاهبة دلت على وضوح فكرة القومية العربية لدى القائمين عليها ومطالبتهم الصريحة الواضحة بالاستقلال وتحقيق الإصلاحات الداخلية فكانت بلاغاتها تصدر» الى العرب بني قحطان».‏‏‏

ولم تكن تحذيراتها الى العرب توجه ضد السيطرة العثمانية وانما ايضاً ضد الدول الاستعمارية الأوروبية أمثال إنكلترا وفرنسا وألمانيا. وفي ذلك يقول احد بيانات هذه الجمعية: يابني قحطان! ياسلالة عدنان أأنتم نيام؟ والى متى تنامون؟ ويمضي البيان فيقول:» متى تعلمون أن بلادكم بيعت للاجنبي؟ انظروا الى مرافقكم كيف ذهبت منكم فآلت الى إنكلترا وفرنسا وألمانيا.‏‏‏

لم تكن مسألة الدولة اليهودية بعد قد طرحت على العرب كمشكلة كما لم يكن اليهود سوى أقلية ضئيلة وفي هذه الإشارة الى اليهود حصافة... اليس لكم حق فيها؟» كما كانت هذه البيانات تربط التاريخ العربي الحديث بالتاريخ الماضي, فتصل بين العثمانيين الذين كانوا يستعبدون العرب ومايفعله جنكيز خان وهولاكو كما كانت تنشر فكرة الوحدة العربية فلايحارب عربي عربيا. وفي ذلك يقول بيان للجمعية مخاطبا العرب ومحذرا»..انكم ستظلون مستعبدين لسلالة جنكيز وهولاكو الذي قضى على وجود حكومتكم العربية في بغداد دار السلام, واعقاب تيمورلنك الذي بنى برجا من رؤوس ثمانين الف عربي في حلب..» كما يقول «..يساق شبانكم الى حيث يقاتلون اخوانكم العرب تارة في اليمن وطورا في الكرك ومرة في حوران فيؤيدون بذلك بذلك مظالم الترك وانتم ساكتون..»‏‏‏

ولم تغفل البيانات وحدة الشعب العربي وحذرت من الطائفية..» أيها العرب حذروا اهل اليمن وعسير ونجد والعراق من كيد اعدائكم واتفقوا في الولايات السورية والعراقية مع أبناء جنسكم ووطنكم. ليكن المسلمون والنصارى واليهود(1) منكم يدا واحدة في العمل لمصلحة الامة والبلاد, انكم تقطنون ارضا واحدة وتستثمرون أرضا واحدة, وتتكلمون بلغة واحدة فكونوا أيضا امة ويدا واحدة ولاتتفرقوا تبعا لمفاسد وغايات المفسدين الذين يتظاهرون بالإسلام والإسلام بريء منهم..»‏‏‏

ولقد كان مؤتمر باريس الذي عقده الطلبة والمثقفون والسياسيون العرب عام 1913 تعبيرا واضحا عن تبلور فكرة القومية العربية في اذهان العاملين للقضية العربية في ذلك الحين. فقد دعت الجمعية اللامركزية التي تأسست في مصر بزعامة عبد الحميد الزهراوي من حمص ورشيد رضا من مصر ورفيق العظم من دمشق واسنكدر عمون من لبنان الى توحيد جميع الجهود لتحقيق المطالب العربية على أساس استقلال العرب الداخلي ومشاركتهم للاتراك في السياسة العامة للدولة وخاصة مايتعلق بالإدارة والدفاع وكانت هذه هي الأسس التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر باريس. ولقد وجهت الدعوة فيه» الى أبناء الامة العربية» كما جاء في مقدمة البيان، ومثل فيها العرب بمختلف اقطارهم حتى الذين كانوا في المهجر منهم وفي أوروبا.‏‏‏

كما ضم ممثلين عن تونس ومراكش, ولكن هذا المؤتمر لم يكتب له النجاح, فإن الاتحاديين حكام الدولة العثمانية الذين كانوا يتربصون للحركة العربية لم يحاولوا ان يجابهوها وجها لوجه بل لجؤوا الى المساومة والخديعة عن طريق الوعود المطمئنة بتحقيق المطالب العربية.‏‏‏

وكان النشاط الاستعماري ممثلا في دولتين هما فرنسا وانكلترا اخذا في الازدياد وبدأت اثار تضارب المصالح الاستعمارية تظهر بجلاء.‏‏‏

ففي الحين الذي ركز الفرنسيون نشاطهم في لبنان لكسب العملاء اخذت أثار اهتمام الإنكليز تظهر في الحجاز. وبدؤوا يحاولون الدعوة لحركة ضد العثمانيين بزعامة من الحجاز. وقد أحس العثمانيون بهذا التدخل الفرنسي الإنكليزي في المنطقة, كما كانوا من جهة أخرى يرقبون نشاط الحركة العربية.‏‏‏

واصبح احرار العرب امام جبهات متعددة منها النير العثماني البغيض المفروض عليهم,والمحاولات الاستعمارية المتضاربة لجر هذه الحركة العربية الى صفوفهم, ولقد وقفت الحركة العربية صامدة امام كل هذه المحاولات ولم يجد العثمانيون ذريعة ينكلون بها ولم يجد العرب غير اتهامهم بالتعاون مع الدول الاستعمارية وكان ديوان الحرب العرفي بعاليه هو النهاية الاثمة التي حاول العثمانيون بواسطتها خنق الحركة العربية..‏‏‏

ان الاحكام بالاعدام والنفي والتهجير التي اتخذها العثمانيون شتتت المنظمات العاملة ولكنها اججت روح المقاومة وفجرتها في ثورة لم تجد لها قيادة بعد 6 أيار غير الهاشميين الذين كانوا وسيلة للسياسة البريطانية لتصبح الموجه الأول لسير الاحداث في البلاد العربية خاصة بعد انهزام العثمانيين...‏‏‏

اعداد: دائرة التحقيقات - مكتب التوثيق‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية