|
شؤون سياسية وتغذية حمى الصراع المسلح بانشطارات ضخمة داخل حركات المتمردين المستعدة للتحالف مع أي طرف داخلي أو خارجي للحصول على نصيب من الكعكة السودانية والتي لن ترحمها سكاكين الجزارين داخل السودان وخارجه. اسرائيل تمارس في إقليم دارفور دوراً تخريبياً ارهابياً، وتنتهج أساليب الإجرام والتهريب والتسلل والتغلغل، وتنتهك سيادات دول، وتحرض الأقليات منها على التمرد والانفصال، ومع ذلك تلقى الدعم والمساندة من الغرب و على رأسه الولايات المتحدة الذي يغطي أفعالها الإجرامية الفاضحة، ويدافع عنها ويجد لها الأعذار ويساعدها على تنفيذ جرائمها رغم خرقها القوانين والمواثيق والأعراف الدولية. وخير مثال على تغذية اسرائيل للصراع في إقليم دارفور، مارصدته حكومة الخرطوم من دخول عسكريين اسرائيليين إلى الاقليم بهدف تدريب المتمردين هناك، وما ذكرته «صحيفة هآرتس» من ضلوع اسرائيل في عملية معقدة لإعادة السوادنيين اللاجئين من دارفور. الأخبار الواردة من الخرطوم تؤكد قيام اسرائيل بإرسال 12 عسكرياً متقاعداً إلى إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان وتشاد، وذلك عن طريق انجامينا وقيامهم بتدريب مسلحي الاقليم وخاصة «العدل والمساواة» أكبر حركات التمرد هناك، والتي تشير المصادر إلى تسلمها الأسلحة الاسرائيلية عبر تشاد باسم شركة يملكها الإسرائيلي «داني ياتوم» ابن رئيس الموساد الأسبق. وتزامن ذلك أيضاً مع إجراء تدريبات عسكرية لجيش افريقيا الوسطى في العاصمة بانقي، وتكشف التحركات الاسرائيلية نحو افريقيا الوسطى عن توجه للتدخل في دارفور عبر بوابة دول الجوار المتاخمة للإقليم، ويؤكد سعي اسرائيل بدفعها لضباطها المتقاعدين نيتها في توسيع مسرح عملياتها ونشاطها السري والعسكري في الاقليم السوداني عبر منافذ جديدة. وكانت المنظمات الدولية التي تقدم الخدمات الإنسانية، والتي انتبهت إليها الخرطوم مؤخراً، والتي بلغ عددها (13) منظمة إحدى هذه المنافذ الجديدة التي تمارس العمل الاستخباراتي لكل من اسرائيل وداعمتها الولايات المتحدة. بعد افتضاح أمر هذه المنظمات ومدى تورطها مع اسرائيل لجأت حكومة تل أبيب إلى ابتداع أسلوب جديد، يحمل في عنوانه الطابع الإنساني، لكنه في حقيقة الأمر يسعى إلى تحويل اللاجئين من إقليم دارفور إلى جواسيس للموساد الاسرائيلي. وفي هذا الإطار اعترفت صحيفة «هآرتس» الصهيونية أن اسرائيل ضالعة في عملية معقدة لإعادة السوادنيين الذين لجؤوا إليها من دارفور، موضحة أن هذه العملية تجري بإدارة مايسمى (السفارة المسيحية) وهي منظمة تمثل مسيحيين من أنحاء العالم، وتنشط في القدس المحتلة برعاية وزارة الخارجية الاسرائيلية. وأوضحت الصحيفة أن مندوبة السفارة المسيحية، رافقت عشرة سودانيين خلال عودتهم إلى دولة إفريقية، ومنها إلى جنوب السودان. ولفتت الصحيفة إلى أن نشاط السفارة يجري بمعرفة وزارة الخارجية في الكيان الصهيوني، وبتشجيع منها، وبمعرفة مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة المسؤولة عن المتسللين الأجانب الذين يطالبون بالحصول على اللجوء في إسرائيل. ووفقاً لمعطيات اسرائيلية صادرة عن مركز مساعدة العمال الأجانب، وصل إلى كيان العدو منذ عام 2006 (سبعة آلاف لاجىء) افريقي من ضمنهم خمسة آلاف من لاجئي السودان. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا قبلت اسرائيل لجوء هؤلاء؟ ولماذا بدأت بإعادة بعضهم؟ الدافع ليس إنسانياً كما تزعم أبواقها، بل مكيدة اسرائيلية خبيثة، لإيجاد موطىء قدم لها في قضية دارفور بعدما فقدت جواسيسها بعد طرد المنظمات الدولية التي اخترقتها، والتي تم طردها من جنوب السودان بعد اكتشاف أمرها، بحجة أن لها لاجئين تريد إعادتهم. هذه العملية تظهر إلى مدى وصل الاستهتار لدى الكيان الصهيوني ومن يساعده في خرق سيادة الدول الإفريقية، والذين أعادت تهريبهم إلى السودان عبر دولة إفريقية ضمن عملية دعائية لخدمة أهداف معروفة وإظهار حكومة السودان، وكأنها تضطهد مواطنيها. لاشك أن جنوب السودان أصبح ممراً للتآمر على وحدة السودان، وهو يؤكد ماكانت تقوله الخرطوم من ضلوع الإسرائيليين في التآمر على السودان ووحدة أراضيه ومواطنيه، وهاهم الاسرائيليون يكشفون عن واحدة من مؤامراتهم وما أكثرها. ولأن السودان أرض المستقبل والموارد الطبيعية، من بترول ومياه استعصى على محاولات التقسيم التي بدؤوا بها منذ زمن بعيد، حاولوا الدخول إليه عن طريق اللاجئين من اقليم دارفور، مرددين النغمة التي مل من سماعها العالم، والتي تقول: إن شعباً عانى الهولوكست لايمكن أن يطرد شعباً يتعرض للإبادة الجماعية، إنه الخداع والتضليل والنفاق بعينه، فالولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل تسعى إلى تفجير الخلاف بين السودان وجيرانه لتتفرغ بعد ذلك القوات الأمريكية إلى سرقة النفط السوداني وشحنه إلى واشنطن، وشحن خام اليورانيوم إلى مفاعلاتها النووية، والأخطر من ذلك تحويل جزء من مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق مد أنابيب بأقطار كبيرة جداً. |
|