تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حين يكون خجولاً..?!

آدم
الأربعاء 23/1/2008
دلال ابراهيم

ثمة فرق لا شك بين الخجل وما ندعوه الحياء, فالخجل مرض نفسي يتطلب علاجاً قد يطول لفترة من الزمن ويصنفه الاختصاصيون

بالمرض النفسي الثالث من حيث الانتشار بين عامة الناس بعد الإدمان والاكتئاب, وتكاد تمتلأ العيادات النفسية بمرضى الخجل أو الرهاب الاجتماعي, كما يطلقون عليه, وهو غالباً يعوق صاحبه من المضي قدماً في حياته ومواجهة صعابها, وتضيع فرص ذهبية أمامه, أما الحياء فهو وليد الأدب والأخلاق والتمسك بالخطوط الحمر للباقة والأعراف الاجتماعية وكذلك الاحترام وقد ارتبط الحياء وانعكاساته على الجسد من احمرار الوجنتين والارتباك في الكلام بالفتاة كصفة إيجابية, وكثيرا ما سمعنا الأهل يوبخون أبناءهم قائلين (لا تخجل, أنت رجل, البنات يخجلن) فالرجل غير مستحب أن يستحي بشرط أن يظل ضمن حدود الأدب واللباقة والاحترام.‏

وتختلف دوافع الخجل والحياء حسب طبيعة المجتمع وعاداته وخصوصيته, والآن ومع ارتفاع الخطوط الحمر في كثير من الأعراف والتقاليد الاجتماعية وتبدل طبيعة العلاقة بين الأجيال, ما الذي يمكن أن يثير حياء الشاب.‏

مناف (جامعي) ينتمي إلى بيئة سائدة فيها الأعراف العشائرية يقول: مازلنا كشبان نخجل في إبداء آرائنا في مسألة يتناقش بها من هم أكبر منا لأنه إن خالفناهم الرأي نتهم (بقلة الحياء) ويتابع الحديث أحد أقربائه معلقا: إحدى المرات كان يدور النقاش بين أفراد العائلة وأخذ عمي يعلق على حدث سمعناه في التلفاز وكل ما كان يقوله خطأ حتى في الأسماء ومع ذلك فقد خجلت أن أصحح له خطأه لأنه لن يغفر لي فأنا صغير وأهنته حين أشرت إلى خطئه في المعلومات.‏

حيان (جامعي) يقول: في المنزل أنا وإخوتي ما زلنا نخجل من مشاهدة أفلام وأغاني فيديو كليب فيها لقطات غرامية بحضور والدنا, ولا يمكن أن ندخن في حضرته لأن ذلك سيكون من باب الوقاحة وجلوسنا يكون في وضع رسمي جداً وأحاديثنا رسمية حتى أنه يحاول أن يمازحنا كي يضفي على الجلسة جواً من المرح وهنا يزيد خجلنا أكثر.‏

فيما ( أحمد وهو موظف): يعتبر التدخين واللباس حسب ذوقه (حرية شخصية) واحترامه لوالده وخجله منه لا يعني أن يتمنّع عن التدخين في حضرته راميا الكرة في ملعب الآباء في أنهم لا يتأقلمون مع متغيرات الحياة, ولكنه يخجل من الحديث عن علاقاته مع زميلاته في العمل, حتى ولو كانت مجرد زمالة وصداقة بريئة .‏

أما صديقه هشام فيرى أن التعبير عن الرأي بصدق وصراحة وضمن حدود الأدب حتى في حال مخالفة رأي الآخرين من أهل أو أساتذة هو حق في التعبير وأنا أصر عليه حتى لو وصف ذلك البعض (قلة حياء) لا أخجل سوى من الكذب والتصنع في المواقف, هذا يجعلني خجلاً حتى أمام نفسي.‏

نزار (مهندس) لا زلت ونتيجة تربيتنا المتزمتة في المنزل أخجل وأتلعثم في الحديث وسرعان ما انسحب من الجلسة حينما نكون في العمل مجموعة وفيها فتيات, نتبادل الأحاديث والضحك لا زلت أشعر بالارتباك والخجل حينما أهم في الحديث مع أي فتاة.‏

فرويد ذهب بعيدا في تفسيره للخجل وربطه مع المكبوت من المشتهيات ولكن مهما كان تفسير الخجل أو الحياء تبقى تلك قضية نسبية, تتداخل فيها الناحية البيولوجية للجسم والتربية والقيم والعادات الاجتماعية التي يعيش ضمنها الفرد.‏

هذا ما أكده الدكتور في علم التربية محمد الحوراني.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية