تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محنة غزة .. عجز العرب

البقعة الساخنة
الأربعاء 23/1/2008
خالد الاشهب

مايتعرض له قطاع غزة من ظلام وحصار وتجويع واعتقال , لايعكس صورة من صور الهمجية الاسرائيلية فحسب ,

ولايكشف عن الوجه القبيح للسياسات الاسرائيلية المتتابعة التي عاناها القطاع طيلة العقود الماضية فقط , بل إنه يظهر أيضا حالة غير مسبوقة من العجز العربي , الذي لطالما كان واحداً من أسباب المعاناة الفلسطينية لمزمنة , الى جانب الاحتلال الاسرائيلي والانحياز الأميركي له .‏

وإذا كان ثمة انفراج ما تتحدث عنه وسائل الاعلام وبعض المصادر في تخفيف الحصار على غزة , وفي قرب السماح لقوافل المساعدات الانسانية بالوصول اليها والى المليوني فلسطيني المحاصرين فيها , فذلك لايعني أبداً تراجعاً اسرائيلياً سياسياً أو عسكرياً عن محاولة اخضاع القطاع واذلال سكانه , بل إنه يؤشر فقط الى استبدال محتمل وقائم لأدوات حصار القطاع ومواصلة اعتقاله , ولاسيما ان العديد من المصادر الاسرائيلية تتحدث اليوم عن اجتياح عسكري أوجولات مطولة من القصف الجوي الاسرائيلي يجري الإعداد له , ليكون الأداة البديلة في مواصلة اجتثاث أسباب الحياة والمقاومة لدى القطاع وأهله .‏

أما العجز العربي عن الانتصار لغزة وفلسطين كلها , فمقيم ومستمر , وهو يعبر عن حاله في أكثر من مظهر وغياب فعل , يأتي من خلال الأريحية الاسرائيلية في الانتقال من وسيلة الى أخرى في حصار القطاع وتجويعه دون أية خطوط حمر او معيقات من أي نوع , ويأتي من خلال كل مظاهر التزلف والود العربي غير المسبوق تجاه من يضيء للعدوان الاسرائيلي ضوءه الاخضر الفاقع لارتكاب مايرتكبه , وتجاه من يعلن على الملأ التزامه بأمن اسرائيل وبيهوديتها , ولايتردد في الطلب من العرب مشاركته هذا الالتزام والتسابق لتنفيذه , وتجاه من يمد اسرائيل بماتحتاجه من سياسة وسلاح لتواصل العدوان وتدفعه الى مداه .‏

معاناة غزة اليوم , وفلسطين كل يوم , ومثلها العراق ولبنان والحبل على الجرار , ليست جديدة ولاهي طارئة , بل ولاحتى هي فيض عدوان وشر طافح , إنها باختصار عجز عربي يكاد يكون مطلقاً, واستباحة كاملة لحقوق لاتجد من يصونها في حين يتكاثر من يبددها ويقدمها للمعتدي طوعاً وبالمجان..‏

ألم غزة ونحيبها هو عجز العرب وموتهم السريري !!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية