|
رؤية الرحم الذي تربينا في داخله وتحميه من الضياع، فضلاً عن دورها في جذب السياح ثقافياً وفنياً وأدبياً، وزيارتها تكشف عن تاريخ عريق ربما لن يتسنى لنا قراءته بين دفتي كتاب. لكن... آلمني أن تبقى توصية الندوة العربية للشاعر الراحل نزار قباني التي عقدت في دمشق والخاصة بتحويل منزله إلى متحف يضم تراثه المادي والفكري حبراً على ورق، البيت الذي كان نهاية حدود العالم لديه والمفتاح الصحيح إلى شعره، وضمن أبوابه المغلقة عقدت في الثلاثينيات الاجتماعات السياسية، ومضت خطط الإضرابات والمظاهرات ووسائل المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، وإليه دخل عساكرهم بالبنادق والحراب حتى إن دائرة التوثيق والمعلومات في مكتب عنبر لامعلومات دقيقة لديها عنه. وليس منزل البطل يوسف العظمة في حي المهاجرين والذي كان مفترضاً أن يتحول إلى متحف حربي بأحسن حال من سابقه، فحتى الآن لم تنفض غبار الإهمال عن أبوابه التي أغلقت بوجه زائريه في ذكرى معركة ميسلون الأخيرة. فإذا كان الأوروبيون والغربيون يكرمون شعوبهم بتحويل منازل أدبائهم وعظمائهم إلى متاحف وأماكن لها قدسيتها، وإذا علمنا أن بعض الدول العربية أصبحت حريصة على إقامة متاحف لمبدعيها أحياءً، فهل نبخل نحن على عمالقتنا وأساطين أمتنا بتحويل بيوتهم بعد الرحيل إلى متاحف للذكرى والذاكرة، أم أننا سنكتفي بتلاوة الفاتحة على أرواحهم والوقوف على أطلالهم باكين من ذكرى عظيم ومنزل؟. |
|