|
معاً على الطريق على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وكان هذا الظهور لشعر المتنبي بالنسبة لي في أعقاب مؤتمر المنظمة الإسلامية الذي انعقد فرعيا في دمشق في الآونة الأخيرة وهو يفيض بالآمال والوعود, وتوثيق العقود من أجل حماية الإسلام أولا, والاستقاء منه ثانيا, رافدا لمواجهة الأزمة الكبرى التي نعاني منها وهي مواجهة إسرائيل, وهذا ما كان سببا كما أعلم لتأسيس هذه المنظمة والتي أصبحت تضم سبعة وخمسين بلدا عربيا وإسلاميا, ولعل هناك نتائج وإن تكن غير منظورة لهذه المنظمة وهي تنبيه الشعوب العربية والإسلامية على أقل تقدير, ووضع المشكلة في إطارها الكبير, وبعد ذلك يأتي أهل العزم بما لديهم من عزائم ودون أن ينقسموا إلى صقور وحمائم ليقفوا الموقف الحازم أمام إسرائيل التي أصبح العالم كله يعرف أطماعها واندلاع معاركها الإعلامية والقتالية جهارا نهارا وبأقصى ما يمكن من القوة والشدة. أقول أهل العزم من المسلمين جميعا.. ليكشفوا كل السبل ليس أمام بعضهم بعضا من السياسيين والمفكرين والمخلصين للأمة بل أمام البسطاء من الناس والعامة, والذين ربما كانوا أميين أيضا.. يكشفون لهم السبل والمسالك التي يسيرون عليها كمسلمين فيجمعوا بين الدين والدنيا, وبين النمو والتقدم إلى جانب الحفاظ على الأصول والثوابت لا أن يدعوهم يغرقون في الفتاوى والاستشارات التي تتزايد كل يوم مثل الشرارات بلا نار.. وكأن هؤلاء الناس يعيدون النظر في كل ما يتعلق بإسلامهم هذا لا أن يشربوا منه ما هو ماء حياتهم, وشعاع تفكيرهم,وقوة ثباتهم على هذه الأرض, حتى إن هذه الفتاوى والآراء أصبحت هي الشغل الشاغل للذين يدورون في مدارات التوجيه والإرشاد.. يكون تطرفهم يوما بعد يوم في ازدياد، ما يسهل انقسام الأمة وتفرقها وتشتتها.. وإلا لماذا نقول:(أمة الإسلام) إن لم يكن ما يجمعنا يدحض ما يفرقنا؟ أما المكارم التي تحدث عنها المتنبي.. والتي تأتي من الكرام فرصا وأعطيات ومغانم فهي التي نراها من ثقب إبرة لا تصب في نهرها الصحيح, وهي الروافد للفكر, والعلم, والفن, والشعر, والأدب, الخ... منذ نشوء هذه الأمة.. بل هي تذهب أحيانا في مغالاة ومبالغات إلى من لايستحقها كما تذهب الفرص إلى من يعبث بالمقومات الأساسية للدين.. يظهر الأبيض ويخفي الأسود.. وينخرط مع الأنقياء والأتقياء وكأنه من الشر والتخريب براء. فيا أيها المتنبي العظيم كم علمتنا منذ قرون وقرون ماذا تعني العروبة.. وماذا يعني الانتماء.. ولو أنك لامست الخروج عن النصوص الأساسية للدين حتى لقبوك بالمتنبي لكن الحقائق تظل في الحياة هي الحقائق.. والنور الذي يبدد الظلام لا يحتاج إلا إلى عيون تفرق بين النور والظلام. |
|