|
رؤية غرابة هذا الموقف في أنه جديد على الساحة الإبداعية العربية, فلم نعهد مثله من قبل, حيث يؤكد كل كاتب أو فنان في أن ما يقدمه هو ((أفضل)) شيء في العالم ولا يأتيه الضعف أو النقد أبدا, وإذا ما قدم أحد ما موقفا نقديا لا يصب في خانة المدح. نراه كيف يشهر في وجهه سيوف الإلغاء والإقصاء. الغريب أن منطق تقبل النقد, والتصريح بالنقد الذاتي يأتي متأخرا دائما, ليس كالمطر في عز الصيف, إنما بعد اقتناع بأن الإنكار لم يعد يجدي. ما قاله الكاتب الكبير موقف ودرس جديد لكل الأجيال, في ضرورة الإصغاء للرأي المختلف, وأخذه ليس على محمل التجريح بل على محمل النقد المسلح بمنطق علمي, النقد النزيه والخالي من الأغراض الشخصية..هكذا يمكن للمرء أن يطور أدواته, ويتجاوز ذاته, لأن من يظن أن ما يقدمه دائما هو (الإلياذة) فإنه يحكم على نفسه بأحادية الرؤية, ولأن الإبداع -في أحد أبعاده-عمل تواصلي يفرض وجود طرف آخر للتلقي والتفاعل فإن مقتله -كما يبدو لي-هو أحادية الرؤية. الغريب أن هناك فئة تصر على أن ما يقدمه هذا الأديب أو ذاك هو دائما (عظيم) لكن وحده الأديب الصغير يصدق المديح الدائم. ما قاله أديبنا الكبير موقف يليق بمبدع حقيقي, إذا ما أصغي إليه بعمق لابد أن يترك أثره في دوائر أخرى أكثر اتساعا من الأدب والكتابة, بهذا المعنى يكون المبدع كبيرا حيث تتجاوز رؤيته المحيط لتبلغ مداها الأرحب. |
|