تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وديعة رابين

معاريف- بقلم: عاموس جلبوع- 3/11/2008
ترجمة
الأحد 9/11/2008
ترجمة:أ. أبو هدبة

خلف اسحق رابين ارثين في مجال الأمن القومي الأول :اتفاقات اوسلو مع الفلسطينيين, والثاني : الوديعة مع السوريين. الوديعة ,

لا تزال عنصرا سياسيا حيا يؤثر وسيؤثر على التسوية السياسية الإسرائيلية السورية المحتملة في المستقبل. وبالتالي يجدر بنا أن نعرف الحقائق التاريخية المتعلقة بها. في 3 آب 1993 عقد لقاء بين رابين ووزير الخارجية الأمريكية وورن كريستوفر, قبل يوم من لقاء الوزير الأمريكي الرئيس حافظ الأسد في دمشق. المفاوضات مع سوريا, والتي كانت تجري في واشنطن, كانت عالقة.‏

رابين قال في الحديث مع كريستوفر انه إذا كان السوريون مستعدين للتقدم نحو المطالب الإسرائيلية التي تتضمن معاهدة سلام كاملة وحقيقية, وترتيبات أمنية يشارك فيها الأمريكيون أيضا; انسحاب يستمر لخمس سنوات; خلق قناة حوار مباشرة وسرية بين إسرائيل وسوريا فستكون إسرائيل مستعدة للانسحاب من كل هضبة الجولان, حتى خطوط 4 حزيران 1967. هذه هي الوديعة التي أعطاها رابين لكريستوفر. وشدد رابين أمام كريستوفر بأنه في لقائه مع الأسد محظور عليه حظرا جوهريا ان يقول ان رابين تعهد بالانسحاب. وان عليه أن يقول فقط انه يفترض, بشكل افتراضي, بأنه إذا ما استجابت سورية لمطالب إسرائيل, فان إسرائيل ستكون مستعدة للانسحاب الى خطوط 4 حزيران.‏

لا ادري لماذا تعهد رابين أمام كريستوفر هكذا. ولكن هناك ثلاث حقائق واضحة: في الغداة دعي رجلان من الاستخبارات الى رابين لكي يرياه على الخرائط والصور ما هو خط 4 حزيران; وفي ذاك اليوم التقى كريستوفر مع الأسد, وفي خلاف تام مع ما اتفق عليه بينه وبين رابين لم يطرح الانسحاب الإسرائيلي كافتراض منه بل كوعد مباشر من رئيس وزراء إسرائيل. وهكذا تحولت بضربة واحدة وديعة رابين للأمريكيين الى وديعة رابين لسورية. والحقيقة الثالثة: هذا أيضا لم يؤدِ الى أي اختراق في المفاوضات مع سورية. في أعقاب ذلك أعطى رابين موافقته على اتفاق اوسلو الذي نضج في حينه سرا.‏

قتل رابين ,واكتشف بيرس فجأة أمر الوديعة, وأعلن التزامه بها, وعلى هذا الأساس واصل المفاوضات مع السوريين. نتنياهو الذي جاء بعده, لم يرَ نفسه ملزما على الإطلاق بالوديعة خلافا لاتفاقات اوسلو التي لم يكن ممكنا إلغاؤها , بعث في صيف 1996 برسالة الى كريستوفر أساسها: أريد أن ابدأ المحادثات مع السوريين بطاولة نظيفة. وعليه, أعد لي الوديعة التي أعطاك إياها رابين. فرد كريستوفر خطيا يقول لنتنياهو ما معناه: يمكنني أن اؤكد لك بذلك ان وديعة رابين غير ملزمة ولم تعد سارية المفعول.على مدى سنتين منذ ذلك الحين لم يعقد نتنياهو مفاوضات مع السوريين, لأنهم واصلوا الادعاء بان لديهم وديعة. وافق السوريون فقط في صيف 1998 على إجراء اتصالات غير مباشرة مع إسرائيل دون الوديعة. باراك, الذي انتخب في العام 1999 تجاهل إلغاء نتنياهو للوديعة, وبدأ المحادثات مع السوريين على أساسها. شارون لم يرغب أبدا في أن يسمع شيئا عن السوريين وعن نشيدهم بشأن الوديعة.أما اولمرت فقبل عمليا مبدأ الوديعة غير أن هذه المرة بات السوريون يطالبون, على حد تعبير الرئيس بشار الأسد بخطوة أخرى: ان يرفع لهم التعهد الإسرائيلي بالانسحاب الى خطوط 4 حزيران خطيا.‏

هذا هو الإرث وتطوراته. وملاحظة ختامية واحدة: اولمرت, وكذا بعض من رجال وسائل الإعلام, يحاولون إعادة كتابة التاريخ بدعوى ان كل رؤساء الوزراء تعهدوا بانسحاب من كل الجولان الى خطوط 4 حزيران . لعل هذا صحيح فقط بالنسبة لرؤساء وزراء حزب العمل, ولكنه غير صحيح على الإطلاق بالنسبة لرؤساء الوزراء من الليكود.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية