تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هآرتس...علينا إصلاح (خطأ) رابين

هآرتس- بقلم: عكيفا الدار
ترجمة
الأحد 9/11/2008
ترجمة: ليندا سكوتي

قال يغال عمير: إن المعارضة لاتفاق أوسلو المتمثلة بكل من أرئيل شارون وريهافام زئيفي ورفائيل إيتان كان لها دور تحريضي في إقدامه على قتل رئيس الحكومة اسحاق رابين,

لكن الدرس الرئيسي الذي تعلمه كان من الفعل الذي أقدم عليه باروخ غولدشتاين ومن تصرفات جماعته المتطرفة في مدينة الخليل.‏

في شباط عام 1994 شارك عمير في تشييع جنازة غولدشتاين تقديراً منه لما أقدم عليه من قتل 30 فلسطينياً عندما كانوا ساجدين للصلاة في الجامع الإبراهيمي في مدينة الخليل, وأضاف: إنه التقى زملاء القاتل وتوصل إلى أنهم متطرفون يعملون كل مابوسعهم للدفاع عن وجود إسرائيل وبعدها نمت لديه فكرة القضاء على رابين بالإقدام على اغتياله.‏

ورد في كتاب القتل باسم الله المعد من قبل ميشيل كاربين وإينا فريدمان أن عمير زار كريات أربعة في الخليل والتقى عدداً من أعضاء منظمة كاهن تشاي التي اعتبرت غولدشتاين بطلاً قومياً عظيماً وجعلت من ضريحه مزاراً يؤمه اليهود المتطرفون وكان من أبرز أعضاء تلك المنظمة اليميني المتطرف نعوم فيدرمان الذي بنى حديقة في الموقع الذي جرى فيه الصدام بين اليهود المتطرفين وقوى الأمن.‏

إن أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون اليهود بغية منع إزالة الحواجز التي وضعها فريدمان تؤكد للقيادتين السياسية والعسكرية في القدس أن وجود مثل تلك العصابة في منطقة متوترة سيكون مثلها مثل من يصب الزيت على النار, حيث نجدهم يقومون بالإساءة لمقابر المسلمين وقذف الحجارة على منازل ومركبات الفلسطينيين وإتلاف مزروعاتهم, الأمر الذي قد يقود إلى مجازر ونتائج لا تحمد عقباها.‏

من المعلوم أن المتشددين يملكون السلاح ولا يأبهون بما قد يحصل وفي هذا السياق تقول واحدة منهم وهي أناتاكوهين في مقابلة مع الصحفي جيفري غولدبيرغ من صحيفة نيويوركر إنها لا تهاب الموت لأنه قد يحصل في أي وقت ولأي سبب لذلك لا داعي للخوف منه.‏

أقر الحاخام دوف ليور تشكيل وحدة يهودية في كريات أربعة تهدف إلى قتال أعداء اليهود, وشبه قيام قوى الأمن الإسرائيلي بمحاولة إزالة الحواجز بتصرفات النازيين عندما هجروا اليهود من منازلهم, في اليوم الذي تلا عملية الخليل اقترح بعض أصدقاء رابين استثمار تلك العملية بالعمل على إبعاد المتعصبين عن تلك المدينة وفقاً للأصول القانونية لكن الأنظمة تحول دون ذلك, وتعتبر القائد العسكري في المنطقة هو صاحب الصلاحية في اتخاذ مثل تلك القرارات ونزع الملكية لأهداف أمنية, فضلاً عن الخشية من أن يفضي هذا التصرف إلى حرب أهلية لايرغب رابين بوقوعها, لذلك استبعد تلك الفكرة وبدلاً من إجبار المتطرفين على النزوح عمد إلى فرض حظر التجول في الأحياء العربية من الخليل لمنع أي احتكاك قد يفضي إلى حدوث أعمال انتقامية.‏

بعد ستة أسابيع من تلك الواقعة كانت أولى عمليات حماس الاستشهادية, حيث ذكر الدكتور ماتي شتبزغ في كتابه مواجهة القدس بأن اجتماعاً لحماس سبق أن جرت به مناقشة ما يمكن تحقيقه جراء القيام بأعمال انتحارية عشوائية,وقال شتبزغ مستشار رئيس الشين بيت للشؤون الفلسطينية إن انتقال أعمال حماس الانتحارية من الأهداف العسكرية إلى الأهداف المدنية ضمن الخط الأخضر كان نتيجة لما أقدم عليه غولدشتاين حيث أفضت إلى مصرع أكثر من 700 إسرائيلي وجرح الآلاف نتيجة للأعمال الفدائية التي قامت منذ ذلك الحين, وتدني الثقة بما يمكن أن تحققه اتفاقية أوسلو من مزايا, أما الأعمال الانتقامية الزجرية التي قامت بها القوات الإسرائيلية في المناطق فلم تزد الفلسطينيين إلا صلابة ومقاومة.‏

لا ريب بأن الذين ساروا على خطا غولدشتاين وعمير قد أساؤوا إلى الفلسطينيين, وجعلوهم يغادرون منازلهم ويخشى الآن من ظهور متطرف متشدد جديد يحمل صفات عمير وغولدشتاين يقود إلى ما قام به سلفاه. لدى إيهود باراك وإيهود أولمرت فرصة مداها أقل من ثلاثة أشهر لإصلاح خطأ ارتكبه رابين بعدم إخراجه المستوطنين المتشددين من مدينة الخليل, وذلك كي يستطيعا إقناع الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي أن إسرائيل لن تكتفي بالتصريحات حول السلام وعليهما تنفيذ ذلك بأسرع وقت قبل فوات الأوان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية