|
عن التايمز هو المخرج الأمريكي أوليفرستون البالغ من العمر 62عاماً الذي تطرق لحياة الرئيس الثالث و الأربعين لأمريكا دبليو بوش بأسلوب أثار جدلاً عاصفاً في الأوساط السياسية هناك, و من الجدير بالذكر أن فيلم دبليو بوش هو الفيلم الثالث له الذي يتناول فيه حياة رئيس أمريكي : فيلما نكسون و جيرارد فورد. تحدث المخرج ستون عن سبب اختياره قائلاً: الرؤساء الثلاثة أثروا في حياتي وبشكل خاص بوش الذي صدمني و أربكني , و في الحقيقة لم أكن أفكر بهذا العمل بسبب تقدمي بالعمر و لكن الفكرة ألحت عليّ قبل عام تقريباًِ ,و أدركت بأنه يجد حالة مستعجلة يستوجب دراستها على الفور فهو يمثل مرحلة سوداء قاتمة في حياة أمريكا لذا أرى من الواجب معالجته سينمائياً. اعترض الجمهوريون على الفيلم منذ ولادة فكرته فهم يخافون من اعتباره مستقبلاً وثيقة تاريخية من المحتمل أن تسيء لأمريكا, و في الوقت نفسه يحتجون على توقيت عرضه الذي يتزامن مع الانتخابات الأمريكية ما يؤثر على أصوات الناخبين الذين بلاشك سيأخذون العبر منه, تابع ستون حديثه عن فيلمه قائلاً: أنجزته خلال مدة قصيرة لاتتجاوز 19 شهراً , لم أظهر تعلق بوش بالبوب فقط بل قدمته بطريقة أقل ما يقال عنها مدعاة للشفقة و التعاطف . وجه بعض الأشخاص اللوم لي لأنني لم انتقد سياسته بشكل أعمق و أكبر ولكنني أرى أن ما قدمته كافٍ ويوصل الرسالة التي أريدها, و أؤكد بأنه لا يوجد خبث متعمد في العمل, ففهمنا لطريقة تفكيره ولأسلوب تعامله تساعدنا على إيجاد أجوبة شافية للأسئلة المحيرة التي تقلقنا و أهمها: أين نحن, من نحن? لماذا ننتخب هؤلاء الأشخاص? أنا سعيد كون العرض الأول للفيلم في إنكلترا لأن ردود فعل الإنكليز تهمني لسببين: معرفتهم بالرئيس بوش جيداً و تحدثهم نفس اللغة. أردف ستون قائلاً: أجزم بأنه لن يشاهده مطلقاً لإنني أشك بقدرته على احتمال مشاهدة نفسه لإنه لم يتفحصها و يدرسها جيداً, فهو لا يحب أن يشبه بمعتوه ثرثار, فالحياة غير المدروسة لا تستحق العيش, بالطبع قرأنا الكثير عنه و أستعنا بالصحفيين و السياسيين النقاد قبل أن نبدأ العمل, في الحقيقة , لم نعرف كل شيء عنه فتاريخه حافل وزاخر بالأحداث المحلية والعالمية و لكننا صنعنا الفيلم ليقودنا إلى السؤال التالي أين أمريكا الآن? بدأت أحداث الفيلم عام 2002 بحديث عن محور الشر و انتهت عام 2004 عندما بدأ بوش يفقد سيطرته على حرب العراق. احتوى الفيلم مشاهد مضحكة و محزنة في آن معاً , فمثلاً المشهد السخيف الذي جمع بوش مع طاقمه السياسي الذي يرتدي الملابس فوق بعضها البعض, فهؤلاء أضلوا الطريق إلى مزرعته بالرغم من ذكائهم المفترض ذائع الصيت. المتعارف عليه أن يكون الرئيس الأمريكي رجل كوبوي مثالياً في السياسة وحتماً إنسانياً في الأزمات. الكاتب ستانلي ويزر اهتم بشكل مفرط بشخصية بوش اكثر من اهتمامه بأعماله, و الفيلم معظمه مسلٍ وممتع من خلال لامبالاته في اتخاذ القرارات السياسية الخارجية . على سبيل المثال الممثل ريتشارد ريفوس يقوم بدور ديك تشيني ونراه يدس ويمرر القرارات السياسية الخارجية بسهولة بينما بوش غائب فكرياً تماماً بل يثني على الشيش بورغر وعلى الأطعمة المقلية الأخرى. و,في هذه الأجواء فرد ديك تشيني خارطة البترول في العالم و أظهر بشكل واضح إيران التي تثير الرعب لديهم. الممثل جوش برولين الذي أدى دور بوش بصدق قال: (من الغريب جداً أن ألعب هذا الدور الذي لايروق لي فمن الصعب أن أرى نفسي شخصاً معزولاً تماماً عن الأحداث التي تدور حولي). ثاندي نيوتن تؤدي دور كونداليزارايس. وتظهر كالببغاء تردد ما يقوله الآخرون فهي قائدة جوقة المهللين المندفعين دون وعي أو تفكير بعواقب الأمور. جيفري رايت بدور كولن باول وحده قدم معارضة معقولة للعبة الحرب القائمة في عدة مناطق مختلفة في العالم, و لكن هذه الشخصيات جميعها بمثابة حنطة معدة لمطحنة المخرج ستون, و هي لعبة ممتعة و مسلية لبوش إذا عدنا إلى تاريخه السابق ما يجعل المثل الأخلاقية المعاصرة تلعب دور المتعة والبهجة الشائكة. حالة بوش النفسية وصلت إلى حد لا يطاق حيث يستشيط غضباً فيشكو و ينتحب من الاهتمام المسرف الذي يلقاه أخوه الأصغر سناً و الاكثر موهبة منه, فهذا الهاجس سيطر عليه و بدا جلياً في العبارة التالية التي تردد صداها في الفيلم:(أنت خيبت أملاً لي أيها الشاب). الرئيس لا يستطيع تحمل أعباء العمل مدة 10 دقائق إذ عجز عن متابعة أعمال النفط إضافة إلى فقدانه السيطرة على نفسه حيال سحر لعبة البيسبول , فهو شخصية لم تؤخذ على محمل الجد على الإطلاق حتى من المقربين له, حتى و الديه اعتقدا بأنه يمزج عندما قرر دخول منافسة السباق إلى حكم ولاية تكساس. أساساً, بوش فقاعة صابون كبيرة و مهووس بوب مرعب ولكن مع كل تصرفاته الغريبة نرى تحولاً في شخصيته عندما يستيقظ من سباقه ويركل الزجاجة , و يكتشف أن الله وهب له الحياة ما اعطاه قناعة مؤكدة بقدره الذي يستحقه ففقد رباطة جأشه . على كل حال بوش ارتدى الإيمان كقناع ليخفي رجلاً يمزقه القلق. |
|