|
قضايا الثورة وحدهم استعصى عليهم الفهم أو حاولوا أن يعطوا الانطباع عبر ردة الفعل الفورية المتشنجة على الخطاب, بأنهم يجيدون قراءة ما بين السطور ويلمون بفحوى الرسائل والإشارات السورية الكثيرة الموجهة, والتي جاءت بلغة ما اعتادوا عليها ولهجة لطالما توهموا أن ما من أحد يمتلك الجرأة على التحدث بها, خصوصاً في عالم محكوم اليوم بالقوة والتسلط لقطبية أحادية وقوى متنفذة أخرى تسير في ركبها, وتساندها في توجهها الكوني واندفاعاتها العدوانية نحو المنطقة, وفي التغييب والمصادرة للقانون الدولي وللشرعية الدولية والهيمنة على مؤسساتها. ما قاله الرئيس الأسد في التناول لجملة مسائل تتصل بالوضع العام المتفجر والخطير في هذا الجزء من العالم, وللعديد من الملفات الساخنة على الساحات العراقية والفلسطينية واللبنانية ومستقبل المقاومة وسلاحها, وإعادة تأكيد الموقف السوري المبدئي والثابت حيالها, ورفض أي مساومات أو صفقات أو مكاسب على حسابها وعلى حساب الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال, كلام واضح وصريح يعيد تأطير الصراع ويحدد طبيعة المشكلة المزمنة مع بعض القوى الكبرى, والأسباب الكامنة وراء هذه الحملات المسعورة والضغوط والهجوم على سورية, باستخدام مبتذل للذرائع وللساحات انتقاماً وتصفية لحسابات قديمة معها. وكلام من هذا النوع يعري طبيعة الهجمة والمخطط المرسوم لهذه المنطقة ولهذه الأمة ويكشف أبعادهما, من الطبيعي ألا يعجب بوش ورايس والسائرين من الغرب في ركب واشنطن, ويثير حفيظتهم جميعاً وحفيظة أدواتهم وأبواقهم التي ثارت ثائرتها, وراحت تشوه المعنى والموقف وتعيد تكرار الاتهامات المفبركة تلك, بهستيرية وتناغم وتوقيت واحد, وتطلق تصريحات استفزازية حبلى بالمغالطات وحملات التهديد والوعيد, التي يعلمون جيداً أننا وإن كنا نتحسب لها إلا أنها لا تخيفنا ولا ترهبنا, لأننا أبرياء وأصحاب حق وقضية عادلة والأهل لهذه المنطقة ولسنا سياحاً ولا زواراً فيها. وتأكيد استعدادنا للتعاون ولكن في إطار يؤدي إلى الكشف عن ملابسات جريمة اغتيال الحريري, ولو أننا نعرف كما يقال المكتوب من العنوان وكيف تسير الأمور والقول للرئيس الأسد:.. لكننا لن نسمح بكل تأكيد بأن يكون هناك إجراء يمس أمن واستقرار سورية, لأننا لن نذهب باتجاه قتل أنفسنا بالمنطق الذي يفكرون به, لأننا دائماً دعمنا الشرعية الدولية وما زلنا ندعم الشرعية الدولية وملتزمين بها, لكن ليس على حساب التزاماتنا الوطنية التي هي أولاً. دعمنا الشرعية الدولية ولم ندعم الفوضى الدولية, التي هي ارتكاز لقرارات على بعض المصالح وبعض المزاجات, لبعض المسؤولين في هذا العالم الذين عليهم أن يعرفوا أن عصر الوصاية الذي كان في بدايات القرن الماضي قد انتهى, وأنهم إذا كانوا يعتقدون أنهم بهذه الطريقة يحاولون ابتزاز سورية فنقول لهم: إن العنوان خاطىء . هذا التأكيد فيه من الحزم والحسم والكبرياء والموقف والحكمة السياسية, ما يجعله متماهياً مع نبض الشارع العربي ومعبراً عن تطلعاته وإرادته, في المقاومة والصمود خياراً في وجه التحدي ولمنع الفوضى. |
|