|
معاً على الطريق ومن هنا يقال أيضاً إن عناصر العظمة الحقيقية ليست مطلقاً في الكتب, وهي لا تلقن لنا في المدارس, وذلك على حد تعبير الفيلسوف البريطاني إدوارد كريمر في كتابه الشهير (الطرقات نحو القوة). كذلك هو يقول في هذا الصدد ما معناه إن عناصر العظمة مسجلة في الشعور الداخلي لدى الذي يسعى بشدة وراء الحق والحقيقة. وبمعنى ما أراد هذا الفيلسوف الإشارة إلى أن هذه العناصر هي من مكونات الذات قبل أن تكون مما يكتسبه صاحبها على مقاعد الدراسة. وفي هذا المعنى يكمن السر في بلوغ الإنسان غايته من خلال ما يكون قد توضع في ذاته من عوامل التفوق بفعل الخبرة والثقافة والتجربة وقراءة سير الآخرين وسوى ذلك, وربما أيضاً بفعل الوراثة. وبذلك يمكن القول إن العظمة الحقيقية لا تتطلب شيئاً من الآخرين بل هي تستمد حضورها بداية من الذات الواعية, ليكون لها حضورها في مجتمعها وخارجه في وقت معاً. وعلى هذا النحو نرى في أيامنا هذه إلى مواقف الرجال - الرجال من القضايا المطروحة على الساحة السياسية, وبشكل خاص في المناطق العربية, حيث الرهان الآن على من يستسلم أو من يبقى صامداً أمام الهجمات التي تشن ضده. إن سورية التي خبرت العديد من الهجمات التي حاولت التضييق عليها, كي تبقى في داخل هذه الخيمة أو تلك من الخيمات التي نصبت في طريق سيرها, منذ بدايات القرن الماضي, فرنسياً وبريطانياً والآن أميركياً كما نرى, إن سورية هذه هي هي لا تغير من نهجها الوطني, ولا تغامر بالتخلي عن ثوابتها الوطنية والقومية, متفهمة في الوقت ذاته متطلبات التعامل مع المتغيرات الدولية من دون تفريط بحق لها تسعى إليه بكل ما لديها من عنفوان الواثق من مكونات ذاته. هذه الذات العربية السورية, كانت ولا تزال تفرض حضورها على ساحة العمل السياسي والعلاقات الدولية, ومن هنا نرى هذا الزمن العصيب إلى تصاعد يوماً بعد آخر من حولها, وذلك بهدف دفعها إلى حافة التردد أو السقوط. بيد أن قارئ تاريخ سورية المعاصر, وخاصة تاريخ ما بعد حصولها على الاستقلال في أربعينات القرن العشرين, يستطيع تصور كم كانت أحجام الهجمات الشرسة التي شنت ضدها, وكيف استطاعت بفعل تلك المكونات الذاتية, أن تطوع الأحداث من أجل حماية كرامة الوطن والمواطن, وأيضاً مع مراعاة ما أشرت إليه, منذ قليل, بشأن استيعاب متطلبات ما تقتضيه أصول التعامل مع المتغيرات الدولية بحكم تسارع الأحداث على نحو ما يجري الآن من حولنا. وبطبيعة الحال فإن الذات المحلية, من مستوى الفرد العادي إلى مستوى الفرد المسؤول في الدولة, تزداد وضوحاً, من حيث المبدأ, في الأوقات التي تتطلب وعياً جماهيرياً لما يحيط بجغرافية هذا الوطن العربي من ملامح التهديد بتجزئته أو تشويه صورته أمام الغير وعن عمد. هذا ما نلحظه اليوم ويلحظه معنا كل قارئ منصف للتاريخ العربي بطريقة موضوعية بعيداً عن توظيف حدث ما قد يتعرض له أحد أطرافه لخدمة غرض سياسي فقط. إن ما يدور حولنا الآن من محاولات تسييس الأحداث الجارية في المنطقة, تراه انعكاساً لمتطلبات إرضاء هذه الدولة أو تلك من بين الدول الأقوى في عالم اليوم على حساب الحقيقة التي ننشدها نحن كما ينشدها العالم كافة?. |
|