تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نوافذ..سفينة نوح يامصطفى العقاد

صفحة أولى
الأحد 13/11/2005م
عبد النبي حجازي

لايامصطفى . هذه المرة غدرت بنا وتعجلت الرحيل.

عودتنا ان تعبر المحيطات لتحضر فرح صديق او قريب فألقوا بك في الطوفان انت وعزيزة قلبك ريما فابتلعتكما غيابات اليم, وابتلعت حلمك المؤجل الكبير.‏

اندفعت بالنيابة عنا نحن العرب الغارقين في همومنا وتحديت الصهيونية واعوانها في امريكا وفي العالم واشتبكت معهم في حرب اعلامية فانتجت (الرسالة) و(عمر المختار) , وهممت بانتاج (صلاح الدين) فسعيت تبحث عن ممول في اوساط المسؤولين والاثرياء العرب ,‏

وقد وعدوك وسوفوا ومازلت تتحرق وتنتظر.‏

لايامصطفى بالامس دعوتنا في لوس انجلوس الى مطعم (مختلف كماقلت) وعندما دخلنا لفت نظرنا ان الندل رجال يتزيون بزي النساء , ويكثرون من الصباع ,سألناك :ماهذا? قلت: هؤلاء والطباخون والموسيقيون والمغنون من ال(gay) اي الشاذون جنسيا , احسسنا بالاشمئزاز ونبا بنا الطعام , وعند اخر فقرة صعد شاب على المسرح وألقى اغنية وهو يخلع ثياب النساء ويرتدي ثياب رجل بدا شابا وسيما طبيعيا.‏

قال الاغنية بصوت حزين مؤثر: ماذنبنا نحن الذين ابتلانا الله بهذه المحنة? لماذا تكرهوننا ايها الناس? وعندما خرجنا سألتني: مارأيك ?قلت : في البداية احسست بالقرف والغثيان وفي الفقرة الاخيرة احسست بالاشفاق والاسى قلت يامصطفى :اردت ان اريكم وجها من وجوه امريكا ليس له مثيل في العالم.‏

وبالامس دخلت مكتبي منفعلا : قلت : كنت في مهرجان عالمي فعرض فيلم سينمائي لمخرج سوري جعلني احس بالخزي لانه انتقى من الحضيض ناساً بالغ في وصفهم على انها مظاهر اجتماعية قام باكتشافها ! كي يحصد جائزة وكأنه لايحس كم يسيء الى وطنه وامته , وأشدت يامصطفى بالدراما التلفزيونية السورية واكدت كلامك على الشاشة وقلت انا امريكي اعتز بجنسيتي , وعربي سوري اعتز بوطني وعروبتي.‏

انك تعرف يامصطفى ان نوحاً حمل في سفينته من كل زوجين اثنين لينقذ الحياة من الطوفان , وفي السفينة عطست الخنازير الفئران فانتشرت تحاول ان تثقب دسر السفينة ,والواحها فعطست النمور الهررة تتعقبها وتصطادها.‏

في السابع من كانون الاول 1941 شنت المئات من الطائرات اليابانية هجوماً صاعقاً مفاجئاً على الاسطول الامريكي في ميناء بيرل هاربر في هاواي فقتلت يامصطفى 2300 جندي امريكي , واغرقت 19 سفينة وبارجة , فردت امريكا في السابع والتاسع من اب عام 1945 بالقاء قنبلتين ذريتين على اليابان (هيروشيما وناغازاكي) مازالت آثارهما المدمرة منتشرة حتى اليوم.‏

اما في الالفية الثالثة فقد قرر الرئيس بوش ومجموعته بعد الحادي عشر من ايلول 2001 تفجير الطوفان, وصناعة السفينة يضعون فيها من يشاؤون , وعطسوا هم انفسهم الفئران والهررة.‏

واخر انجازاتهم- بالتعاون مع اسرائيل وحدها - تمثلت بتاريخ 9 تشرين الثاني 2005 في التفجيرات الغادرة التي اودت بحياة الابرياء في عمان - الاردن لتكون سلسلة من السلاسل التي يريدون ان يلفتوا نظر العالم بها عن الخسائر المالية والبشرية الفادحة التي تكبدوها في العراق و عليها مآس وخراب ودمار بغزوهم الظالم الذي انبنى اساساً على كذبة (اسلحة الدمار الشامل) وكنت ابرز ضحاياها.‏

إن بوش ومجموعته يامصطفى يقدمون البراهين المضللة لشعبهم وللرأي العام العالمي انها حرب على الارهاب وفي سبيل نشر مبادئ الحرية والديموقراطية (الامريكية) في شعوب مضطهدة مغلوبة على امرها , واخترعوا حكاية جديدة هي (ابو مصعب الزرقاوي المسؤول عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين).‏

انها الكذبة الاخيرة التي استجدت في العراق لتنسب اليها الخراب والتفجيرات التي تودي بحياة الالاف من المواطنين العراقيين وبخاصة المدنيين ومساكنهم وممتلكاتهم.‏

ولاأحد يامصطفى يعرف هذا الرجل (ابو مصعب) ولارآه ولاسمع به انه الارهابي في اهاب الكاوبوي على صهوة حصانه, الكاوبوي الذي لايقهر ولايمسه اذى يامصطفى , الكاوبوي الذي عجزت عنه امريكا وعملاؤها وطائراتها واقمارها الصناعية التي تلتقط الابرة من باطن الارض!.‏

حتى لوكنا اغبياء وقاصرين وسذجاً الا نتساءل يامصطفى :لمصلحة من يقترف عربي مسلم (اردني كما يقول الامريكان) كل هذه الفظائع في ابناء دينه ووطنه وقومه?‏

ماالذي يفيده? ماالذي يدفعه?‏

اسلامنا? لنتبرأ من موروثنا الديني , او نعدله كما يقترحون?‏

مسيحيتنا ?لنبرىء بيلاطوس من دم المسيح? قوميتنا العربية وحلمنا بالوحدة ?لنخرج من هويتنا التي فصصوها حبة حبة منذ عشرينات القرن الماضي وجعلوها دويلات يسهل التهامها?‏

وافغانستان يامصطفى ? في البداية تحالفوا مع الملا عمر رغم رجعيته وتحجره , ومع القاعدة رغم تعصبها الديني وجندوهم لطرد الجيش السوفياتي الملحد باسم الاسلام.‏

ثم غزو افغانستان لينقذوها من الظلم والطغيان والارهاب والتعصب الديني.‏

والعراق يامصطفى ? حرضوا صدام حسين وهم يعرفون انه طاغية مستغلين هوجه ودمويته ضد ايران ومدوه بالاسلحة والخبرات ليحقق لهم ماحقق من خرائب وقتلى وجرحى وويلات ودمار حتى انهكوا البلدين.‏

والكويت يامصطفى? داعبوا نقطة الضعف في صدام فكان غزو الكويت هو الطامة الكبرى التي لم يستفد منها سوى امريكا واسرائيل: بشق الصف العربي, وزعزعة الثقة بين العرب , واستنزاف اموال دول الخليج وبخاصة الكويت التي آزرت سورية ومصر ابان حرب تشرين اوكتوبر عام 1973 ليبسطوا الحماية عليها بحجة الدفاع عنها(دفاعاً مأجوراً)‏

ثم استفزوا مجلس الامن وثلاثاً وثلاثين دولة من العرب والعالم لتحرير الكويت وتسديد ضربة قاصمة لحليفهم بالامس صدام البطل الطاغية الجبار! الذي صار يرتدي ثياب الكاوبوي ويختال على الحصان , متزنراً بمسدسه ملوحاً ببندقيته.‏

ومن المستفيد من اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري بتاريخ 14 اذار 2005 وتوجيه الاتهام الى سورية وتهديدها?‏

أليست كلها محاولات ماكرة لابتلاع مصائب العراق وفظائعه وافتراءات دبليوبوش ومجموعته وحتى لاينبش احد في اكاذيبهم ويحاسبهم على ماحققوا من انتصارات تكاد تستنزف الخزينة الامريكية ملأى بآلام الشعوب , والامهات والزوجات الامريكيات اللائي فقدن احباءهن , ثم رمت الكرة بملعب سورية كما يقولون?‏

لقد حملت يامصطفى على غزو العراق ,قلت يومها عن الديموقراطية الامريكية انها (ديموقراطية دستورية) بمعنى انها وجه اخر من وجوه الديكتاتورية وحمل عليها غيرك من احرار امريكا كالمخرج مايكل مور الذي قال اثناء توزيع جوائز الاوسكار: اننا في زمن المعجزات , الرئيس ينجح بانتخابات مزورة لاسيد بوش انك تشن حربا ظالمة تورط فيها ابناء وطنك.‏

يقول الشاعر الباكستاني محمد اقبال (1873-1939)في ديوانه (جناح جبريل) يامصطفى:‏

قوة الذات تحول حبة الخردل الى جبل‏

خور الذات يحول الجبل الى حبة خردل‏

رحمك الله يامصطفى اننا جميعاً نعتز بك , ونشعر بالأسى على فراقك وقلوبنا تتقطع ألماً ولوعة.‏

إننا لن ننساك يامصطفى.‏

عبد النبي حجازي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية