تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الرئيس?.. ولماذا?

آراء
الأثنين 3/11/2008
أحمد صوان

سألتني مذيعة في قناة تلفزيونية عربية عما إذا كنت أقدر من سيفوز في رئاسة البيت الأبيض, في السباق الانتخابي الماراثوني بين باراك أوباما )عن الحزب الديمقراطي( وجون ماكين )عن الحزب الجمهوري فسارعت للقول: أوباما وليس ماكين,

فارتسمت الدهشة على محياها, وتساءلت فيما بينها وبين نفسها: إجابة جريئة ولا شك!..‏

المهم أن مقالتي هذه تكون قد نشرت قبل يوم واحد من حسم المعارك الانتخابية على رئاسة البيت الأبيض, ويحق في هذه الحالة التوقع فيمن سيكون الفائز, وتوقع السياسي أو الصحفي أو المتابع عند ذاك حالة مشروعة, مادامت تستند إلى معلومات وتقديرات ودلائل, وكثيراً ما تكون صائبة إذا لم يطرأ ما يوحي بوجود مفاجأة قد تقلب الموازين والمقاييس. لذلك وبعيداً عن المفآجات أرى أن أوباما سيهزم ماكين, وهناك أسباب كثيرة وراء مثل هذه الهزيمة أولها أن أوباما يستفيد جداً من ضعف ماكين لأنه جمهوري, ولقد خبر الناخب الأميركي أو دافع الضرائب في الولايات الأميركية غير المتحدة سياسة الجمهوريين بإدارة حمقاء من الرئيس بوش على مدى ثماني سنوات منصرمة, توجت بويلات وكوارث وأزمات مالية وأخلاقية وسياسية وعسكرية.‏

وحين يطالب الأميركي بالتغيير فالمقصود ليس فرداً بفرد, أو رئيساً برئيس, بل تغيير في النهج والإدارة والإمكانات والقدرات, وفي السياسة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية, وفي عوامل ومكونات ومقومات الشخصية, فعلى الأقل عرف الأميركيون أن رئيسهم كاذب, ومخادع, ومضلل, وأشبه بممثل حين يسوق أمام الرأي العام قضايا تحتاج إلى مصداقية في الطرح والمعالجة, ولأن الحاوي الأميركي النفعي البراغماتي هو جزء من التكوين التربوي لمسؤولية وشخصيات عامة فإن بوش كان الأكثر تعبيراً أو تجسيداً لمهارة الحاوي في قيادة أمور الدولة وعلى كل المستويات, ولاسيما على الصعيد السياسي الخارجي, والتعامل مع حلفائه وأصدقائه وخصومه وأعدائه.‏

وأكثر ما ميز الرئيس بوش في حركاته وعباراته ومواقفه هو (الحاوي) الأميركي, إنه كان ينسى في كل مرة ما تفوه به في مرات سابقة, فكرر أكاذيبه وأحابيله على نحو لم يعد بإمكان الأميركي العادي الاقتناع بكل تفسيراته وتبريراته, إلى حد أنه في هروبه الدائم إلى الأمام كان وباستمرار يخفي وراءه أزمة أو كارثة, وهو الذي يريد أن يقنع نفسه أنه بهذا الهروب يحل أزمة قائمة, لكنه يجد نفسه أمام معضلة مزدوجة في هذه الحالة, وفي وضع لا يحسد عليه بسبب تراكم الأزمات وكانت الانهيارات المالية في الداخل الأميركي أبرز هذه الأزمات, وهي بالأساس لم تأت من فراغ, لأنه مع قدوم الرئيس بوش إلى البيت الأبيض بقرار محكمة في منافسته قبل ثماني سنوات لآل غور عن الديمقراطيين ونائب الرئيس كلينتون, كان واضحاً أن أميركا ستنوء بأزمات وأزمات, وأن بوش قصير النظر ولن يتمكن من معالجة أي أزمة, بقدر ما ستزداد مدة هذه الأزمات على نحو خطير وكارثي. وهو ما حصل في الواقع, مع سياسة مغامرة وعدوانية خارج حدود الولايات المتحدة من أفغانستان إلى العراق إلى لبنان إلى فلسطين المحتلة, إلى الصومال, إلى السودان إلى جورجيا إلخ... بمعنى آخر إن الأميركي وحين وضع رحاله عند صناديق اقتراع التنافس بين نهج بوش الذي يمثل الجمهوريين بشخص جون ماكين ونهج مضاد هو تغييري يمثله باراك أوباما, فإنه لاشك سيشعر أن أزماته ربما تجد طريقاً إلى الحل والمعالجة والاهتمام, ليس عبر الهروب إلى الأمام, وليس عبر إدارة الأزمة والمراوحة في المكان, بل بقدر ما يمكن أن يلمس من تصحيح وتصويب لوضع إذا ما استمر على النهج إياه والسياسة نفسها فإنه سيصاب ثانية بدوار وترنح وربما بموت لأن هذا الموت بات له أصحابه وتجاره وأهله, وهم يدفعون بالأحداث والتطورات الكارثية لأن تكون سائدة وعامة.‏

وليس من شك في أن ثبات استطلاعات الرأي على مدى أربعة أشهر سبقت الموعد المقرر للانتخابات الرئاسية الأميركية تشير إلى أن التقدم الثابت أحياناً والنسبي في أحيان لباراك أوباما تضعه فعلاً في موقع الفائز والمنتصر, وهذه سابقة في الترجيحات التي تطرحها استطلاعات الرأي في الانتخابات الرئاسية الأميركية, حيث إن كل عمليات السباق الانتخابي كانت وباستطلاعات الرأي متأرجحة تارة لهذا المرشح وتارة لذاك, لا تفسح المجال لأي تقدير أو توقع, لكن هذه المرة كل استطلاعات الرأي أشارت إلى تقدم أوباما بنسبة تتراوح بين 7 و14 نقطة, وهو الأمر الذي يشير إلى إمكانية فوزه لأن الأميركيين سئموا أكاذيب بوش وأضاليله ونفروا من نهج وسياسة المحافظين الجدد والقدامى والمتصهينين على حد سواء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية