|
مجتمع وربما يكون إنجاب البنات من المشكلات البارزة التي تعاني منها النساء في مجتمعنا فلا يمكن لها أن تكون أنثى كاملة إلا بانجاب الذكر, فالأنثى في مجتمعنا لا يمكن لها أبداً أن تكون بمثابة الولد الذكر ولا بأهميته في حياة الأسرة والمجتمع على الرغم من كل ما حققته من تفوق في العلم والمعرفة ونجاحها في عملها الإداري والسياسي والاجتماعي والأسري لكنها تبقى أسيرة نظرة المجتمع بأنها ضلع قاصر لايمكن لفرحة البيت أن تكتمل إلا بقدوم الولد. فإذا كان العلم ينصف المرأة ويؤكد مسؤولية الرجل بتحديد نوعية المولود ذكراً كان أم أنثى إلا أن ذاك العملاق الاجتماعي سينقض ليجعل الهزيمة ترتدي صفتها العامة وليحمل معنى تخلف الشرق ويحمل المرأة مسؤولية إنجاب الاناث وهكذا يمكن لتلك الزوجة أن تنجب سبع أو ثماني بنات بانتظار قدوم الولد الذكر وربما لا يأتي وهنا يأتي القانون, وكما جرت العادة دائماً يلبس صفة القمع ليس له ولا لمرادفه-العرف- صفة منطقية مقبولة فعندما يتدخل يهرب الأمان والاطمئنان من قلب المرأة ويعطي للرجل تلك المساحة من الأمان يرمي بها بمخاوفه ويعلق عليها آماله إما بتكرار الزواج أو بمطالبة الزوجة بالاكثار من الانجاب من أجل الحصول على الولد..وتبقى أم البنات قلقة ومنشغلة البال دائماً وهذا من المألوف لدينا, فالعلم في طرف والمجتمع والقانون دائماً في الطرف الآخر والعلاقة بينهما ثقيلة جداً.. سوط وظهر.. أمل وقمع وعند سؤالنا المرشدة الاجتماعية ريم الفقير عن أم البنات علقت قائلة: إنها نظرة ظالمة ومجحفة بحق المرأة, إذ إن العلم برأ الزوجة من مسؤولية إنجاب البنات وأكد مسؤولية الرجل إلا أن المجتمع يأبى الاعتراف بهذه الحقيقة ويرمي بالمسؤولية كاملة على كاهل المرأة. وفي حالات كثيرة في مجتمعنا الشرقي نرى أن أمنية الزوج بالحصول على الولد أثر سلباً على حياة الأسرة وعلى الأولاد (البنات) بوجه خاص. ومن مفارقات الحياة اللافتة للانتباه أن نرى العديد من الأسر أولادها من البنات فقط وقد حققن مراكز متقدمة من العلم والمعرفة ويحظين باحترام وتقدير المحيط لكنها تبقى أسيرة نظرة المجتمع ويطلقون على تلك البيوت ب (بيت البنات) ويعرف من قبل الآخرين بهذا الاسم. وعندما توجهنا الى الدكتورة عبير عمران اختصاصية في أمراض النساء والتوليد وهي أم لأربع بنات ومن خلال عملها وتجربتها الواسعة مع الأمهات قالت: في كثير من الأحيان يكون هناك قناعة من قبل الأهل ولكن نظرة المجتمع الذكورية تضغط على الأهل وتؤثر سلباً في تلك القناعة, فالفتاة برأيهم ضعيفة وهي تشكل عبئاً مادياً ومعنوياً على الأسرة والمجتمع وآخرون يرون بالموضوع حرماناً للبنات من الأخ الذي هو عون وسند لهم في هذه الحياة, لماذا يحق لأم الصبي حرية الاختيار.. بينما تحرم أم البنت هذه النعمة? وتتساءل الدكتورة عبير لماذا يحق لأم الصبي أن تكتفي أو تحدد عدد أفراد أسرتها وأن تسعى وراء راحتها الجسدية والنفسية وتكرس وقتها لتربية أولادها براحة بال واطمئنان بينما تحرم أم البنات من هذا الاختيار وكأن لزاماً عليها تكرار الحمل والانجاب حتى وإن كانت هذه السيدة تعاني من صعوبة الوحام والحمل ومن صعوبة الولادة وفي حالات أخرى قد يكون في هذا الحمل هلاكها هي وأسرتها إذ تكون في أوضاع صحية حرجة ويشكل هذا الحمل خطراً على حياتها ومع هذا تراها تغامر بكل شيء من أجل انجاب الذكر فتحرم تلك الزوجة متعة انجاب الصبي ونعمة تربية بناتها فتظلم بذلك نفسها وبناتها. وتسأل الدكتورة لما لا نعطي أنفسنا حق المتعة بأمومتنا ونفتخر بتربية بناتنا ونهتم بتحصيلهن العلمي وتقول أنا حقيقة أشعر بالقناعة المطلقة أنا وزوجي بأن اكتفي بما رزقني الله. ولا أفكر إطلاقاً بتكرار الحمل من أجل انجاب الذكر وإننا فخورون ببناتنا فهل هناك أجمل وأعظم من شعور الآباء وهم يرون بناتهم وهن مميزات في المجتمع بعملهن وتربيتهن وأخلاقهن الفاضلة, فمن المسلمات في مجتمعنا أن يكون الذكر ذا تحصيل علمي كبير وأن يتقلد المراكز الحساسة والمهمة في الحياة أما أن تحظى الفتاة بهذا التميز فإنها متعة حقيقية وفخر لا يفوقه فخر ولا اعتزاز, وتضيف الدكتورة قائلة تطرح عليَّ الكثير من المراجعات أو من الأصدقاء لماذا لا أتبع برنامج الحمية الغذائية من أجل انجاب الولد? فأجيبهم أنني مكتفية تماماً بعدد أفراد أسرتي الصغيرة المحببة على قلبي ولا فرق لدي بين البنت أو الصبي وإني أكرس كل جهودي لتربيتهن وتعليمهن وكلي أمل أن يتخذن من قناعتي وموقفي هذا بادرة بأن تتغير هذه النظرة لديهم بأن الفتاة أقل أهمية من الولد. وبدوري أتفق مع الدكتورة عبير علمياً وواقعياً ولكن لا أخفيك عزيزتي القارئة أنني في لحظات كثيرة أقف مع نفسي أردد (لو). |
|