العودة إلى الكتابة
معاً على الطريق الأثنين 3/11/2008 مصطفى المقداد مهنة مقدسة , و تلك هي الكتابة المعمدة بالنار المقدسة , والمطهرة بالقلق الدائم....
كلمات قالها على عجل قبل أن يمضي مسرعاً لبعض مشاغله التي باعدت بينه وبين الكتابة , كان مهموماً في شبابه بالكتابة طقساً لايمكنه الفرار من بين ثناياه , ولم يكن يتصور أن قوة ماقادرة على قهر طموحه وإبعاده عن حبه الأبدي .... الأقدار وحدها وضعته في مواجهة الظروف والمواقف القاهرة ... الإدارة ....أجل الإدارة وحدها كانت تقف بالمرصاد لكل أحلامه وطموحاته , فوقته أصبح ضاغطاً , ومشاغله أكثر من أن يكون قادراً على الإمساك بأطرافها والقضايا والمشكلات المطروحة أمامه , تصغر أمام همته ومعارفه , الأمر الذي دفعه للنكوص والدخول في مرحلة التعاطي مع التفاصيل وصغائر الأمور , فيما كانت همومه تنصب على القضايا الكبرى والتركيز على جوهر المشكلات , والابتعاد عن اللوازم الشخصية التي تنأى بالروح عن الهم العام , والعطاء اللامحدود .... كانت الإدارة السور الذي أحاط بأحلامه وحجبها بسياج شائك عصي على الاختراق , وبدأت النباتات الشوكية تكبر داخل ذلك السور , فيما تتعاظم النباتات الطحلبية والمتسلقة حول أطراف السور, ويتعالى حجمها في مسعى لحجب أي تواصل مع الخارج كلياً . تلك هي الإدارة ياصديقي حاجز أعاق طموحي في أن أكون كاتباً ساخراً , أنتهج ذلك الأسلوب ردحاً من الزمن , لكنه ضاع مع تقدم السنين , وذابت حروفه في أوحال التداخلات الغرائبية .... كان عالم الآثار الفرنسي الشهير جان ماري دانتزر أستاذاً للآثار الشرقية في جامعة السوربون الأولى وتولى رئاسة ذلك القسم لمايقرب من عشر سنوات لكنه بعدها قدم اعتذاراً لرئاسة الجامعة طالباً العودة إلى البحث العلمي لمتابعة ما فاته من المعارف بشأن الحقبة البيزنطية في الجنوب السوري, والسبب في قراره كان حسن تقديره للتطور المعرفي الذي حققه طلابه ,والتقدم الذي وصلوا إليه , متجاوزين معارف أستاذهم , فالعين تزن بمقدار القيمة المعرفية الحقيقية ,ولاتنظر إلى السلم الإداري , والمعيار موضوعي في تطبيقه , ولايخضع للإغراءات والمكاسب الآنية .... وبعدها أين يكمن الذهب الثمين ? وكيف تضيع حبيبات الماس بين رمال الصحارى ? أسئلة تصعب الإحاطة بأجوبتها ....?? ولكنها ....زفرة....وكفى .
|