|
قاعدة الحدث
الذي يحكم العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما إنها قد شرعت مذهب الهيمنة من جانب واشنطن وأحيت مفاهيم الحرب الاستباقية، والنزعة الأحادية، وتغييرالأنظمة، و ترتكز هذه الاسترتيجية على قاعدتين أساسيتين: الأولى أنها تعتمد على الضربات المباغتة دون انتظار انكشاف الأدلة العدوانية للطرف الآخر المقصود، وهو ما أوضحه وزير الدفاع الأميركي في ولاية بوش الابن الأولى دونالد رامسفيلد لوزراء دفاع الناتو في اجتماعهم ببروكسل في السادس من حزيران 2002 حين قال ( إن الحلف لا يمكن أن ينتظر الدليل الدامغ حتى يتحرك ضد المجموعات الإرهابية أو ضد الدول التي تملك الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية ). وهذا الأمر يهدد الأمن والسلم الدوليين، ويعرضهما للخطر، ويجعل الاستقرار العالمي مرهوناً بالإرادة الأميركية المنفردة غير الملتزمة بأي سلطة دولية عدا السلطة الأميركية، وما يتأثر به صانع القرار الأميركي من عوامل داخلية وخارجية وأخطرها اللوبي الصهيوني و( إسرائيل). أما القاعدة الثانية فهي احتمالية أن تكون الضربات الأميركية الاستباقية بإستخدام سلاحاً نووياً تكتيكياً أو استراتيجياً، إذ يؤكد هذا الأمر (ستيفن يونجر) مدير وكالة تخفيض المخاطر بوزارة الدفاع البنتاغون التي أنشئت عام 1998، فيقول : نحن نريد أن نستخدم أقل قدر من القوة لتحقيق الهدف المطلوب إذا كان ذلك ممكناً أصلاً عن طريق الأسلحة التقليدية، ولا نرغب بعبور الحاجز النووي إلا في حالة طوارئ قومية قصوى، ولكن هناك بعض المخابئ ذات القوة الإستثنائية مما يجعل استخدام أسلحة ذات إشعاع نووي كثيف أمرا لابد منه. فبعد هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن تخلت إدارة بوش عن عقيدتي (الردع) و(الاحتواء المزدوج)، واللتان كانتا الأساس الذي تبنى عليه الاستراتيجيات العسكرية منذ تأسيس وزارة الدفاع الأميركية في 1947، وطوال السنين التي سبقت أحداث أيلول ، إذ تبنت إدارة بوش (الابن) عقيدة (الحرب الإستباقية)؛ كما يتضح من الحرب ضد طالبان في أفغانستان 2001، والحرب على العراق 2003. ومبدأ هذه الاستراتيجية يتمحور حول التحول من صد هجوم فعلي إلى شن حروب وضربات وقائية لمنع هجمات متوقعة، و هذا ما أشار إليه تقرير (إعادة بناء السياسة الدفاعية الأميركية, الاستراتيجيات والقوات والمصادر للقرن الجديد) نشر عام2000 إلى ضرورة السيطرة على المساحات الدولية المشتركة في الفضاء ومنها فضاء الاتصالات وتمهيد الطريق لخلق وحدات عسكرية جديدة ( القوات الفضائية الأميركية التي ستتكون مهمتها السيطرة على الفضاء ) وان سلاح الفرسان الأميركي يجب إن يصبح جيش احتلال دائم في الشرق الأوسط ، كما أوصى التقرير بتأسيس قواعد عسكرية أميركية دائمة في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم ويجب إن يكون جنودنا هناك بحيث يمكننا السيطرة على نفطهم. والاستراتيجية الجديدة تركز على الهجوم الوقائي الذي يختلف عن الردع اختلافاً جوهرياً، فهو اتستراتيجية سياسية عسكرية واسعة، تعتمد على كل أدوات السياسة الخارجية (السياسية والاقتصادية والعسكرية ) ولكن لوزارة الدفاع الدور المحوري فيها. فمنذ سقوط كابول في تشرين الثاني 2001 بات من الواضح أن إدارة بوش تستغل الحرب ضد الإرهاب لتبرير استراتيجية سياسية أكثر عنفا وهي استخدام القوة العسكرية للقضاء على بعض التهديدات وارهاب الباقين كلهم ، وهذا ماظهر في خطاب بوش عندما قال : أن حربنا ضد الإرهاب مازالت في بدايتها معلنا إنه بالإضافة إلى الهجوم المباشر على شبكات الإرهاب فإن هدفنا الأساسي هو منع الأنظمة التي تساعد الإرهاب على تهديد الولايات المتحدة أو أصدقاءها أو حلفاءها بأسلحة الدمار الشامل وحدد إيران والعراق وكوريا الشمالية كمحاور للشر، وبعد ذلك وسع جون بولتون نائب وزير الدولة الشبكة واصفا ليبيا وسورية وكوبا بأنها دول داعمة للإرهاب تمتلك أسلحة دمار شامل أو لديها القدرة على امتلاكها، لكن الأبعاد الكاملة لاستراتيجية الإدارة الأميركية لم تتضح تماما إلا بعد أن أعلن بوش ما وصفته ( الفايننشال تايمز ) بأنه مذهب جديد تماما للتحرك الوقائي وذلك في خطاب وست بوينت في 1 حزيران 2002 الذي قال فيه: لفترة طويلة من القرن الماضي أعتمد الدفاع الأميركي على مذهب الحرب الباردة .. الردع ومحاصرة القوة.. في بعض الحالات ما تزال هذه الاستراتيجيات صالحة للتنفيذ إلا أن التهديدات الجديدة تتطلب أيضا تفكيرا جديدا. الردع (وهو التوعد بثأر قاسي ضد الدول) لا يعني شيئا في التعامل مع شبكات إرهابية خفية ليست لها دولة أو مواطنين تريد حمايتهم. وحصار القوة ليس ممكنا حين نتعامل مع دكتاتوريين موتورين لديهم أسلحة دمار شامل قادرين على توصيلها بالصواريخ إلينا أو على توفيرها لحلفائهم من الإرهابيين. و مذهب بوش هذا و القائم على ( الثأرالوقائي ) كما يصفه أحد مسؤولي الإدارة الأميركية يظهر واضحا في خطة الأمن القومي ، و في حين تسعى الولايات المتحدة الأميركية باستمرار للحصول على تأييد المجتمع الدولي فإنها لن تتردد في التحرك وحدها، لو لزم الأمرلممارسة حقها في الدفاع عن النفس حسب زعمه والقيام بهجمات وقائية. وكان العراق هو أول اختبار لهذا المذهب عندما ضرب بوش عرض الحائط كل القوانين و الشرائع وقام هو و حليفه توني بلير بشن حرب عدوانية على بلد عضو في الأمم المتحدة وراح ضحيتها الملايين من شهداء و جرحى و لاجئين، و دمار شامل لكل مناحي الحياة. كما قامت الإدارة الأميركية منذ استلام بوش لمهام منصبه في كانون الثاني 2001 بالتركيز على برنامج الدفاع المضاد للصواريخ البالستية باعتباره ضرورة للأمن الأميركي وأحد دعائم تحقيق أهداف استراتيجيتها الأمنية في القرن الحادي والعشرين، وبما يحقق لواشنطن الريادة وامتلاك التفوق النوعي التكنولوجي المطلق من خلال إنشاء نظام الدفاع المضاد للصواريخ . و استغلت الولايات المتحدة الاميركية احداث 11ايلول2001 لتحقيق مكاسب دعائية ونيل فوائد اقتصادية واستراتيجية وسياسية من خلال اعادة تأهيل الاستراتيجية الاميركية لتكون بعيدة المدى وتستوعب توجهات بوش الابن العدوانية باستهداف حريات الآخرين وغزو أراضي الغير وتسويغ السلب والنهب ، فضلا عن استهداف واسقاط أنظمة قائمة وتأسيس غيرها على وفق الهوى الامبريالي وتوسيع القواعد العسكرية وقاعدة حلف الناتو تحت حجج واهية أولها : الحفاظ على الامن الاميركي وثانيها : مكافحة الارهاب وجعل العراق وافغانستان وغيرهما ساحات لتصفية الحسابات مع الخصوم وثالثها: نشر الديمقراطية والحرية ( على الطريقة الاميركية ) . |
|