|
ثقافـــــــة وفي قصته «سراب» يبحر القاص أيمن الحسن في داخل تلك العاشقة التي تحلم بزيارة حبيبها «سراب» رغم أنها تعرف أنه ملك لامرأة أخرى، لكن هواجسها وأحلامها تأخذها إلى عوالم ساحرة من الأحاسيس والمشاعر والانتظار الممض.. «لا أهتم.. فحبي له زيتونة خضراء لا تذبل مدى العمر، حبي مطر يرطب قلبينا طوال الوقت وعاصفة تقتلعني كلما تركني وحيدة باتجاه بيته وأولاده، حينئذ ينام في الذاكرة لأستحم بعطره إلى أن يأتي موعده التالي..». وفي مكان آخر نراها «تغمض عينيها على صورته، تضم ذراعيها كي تحتضنه في لهفة، همسات حرى، تنهدات موجعة، تتحرك الشفاه للقبلة وتغص لأنه ليس معها..». يقف الناقد عماد فياض عند بعض الدلالات في هذه القصة فيرى فيها قصيدة بوح جوانية يغوص فيها داخل المرأة «ضحى» التي تعيش حالة هلوسة الغياب والحنين.. لذاك الرجل الغائب الذي لن يعود أبداً، ومع ذلك تلتمس له الأعذار لعدم مجيئه «ابنته مريضة يا ناس».. ويركز الراوي على مسألة الانتظار والذكريات، يريد أن يقول إنها دخلت في حالة مرضية،.. «ترتسم قضبان نافذتها ظلال قيود شاحبة تقبع خلفها منزوية في ركن مهمل بعيد» ما يؤكد موت هذه المرأة المعنوي بعد أن أصبحت أسيرة لحالتها المرضية.. ويرى الناقد أن المسكوت عنه في قصة سراب هو هذا الهجاء الخفي لامرأة ضيعت حبها وتآمر الراوي والكاتب عليها في العمل على تعميق حالة الشرخ والجرح والمعاناة لديها، فأصبحت العلاقة بين الراوي والكاتب طرف أول والمرأة «ضحى» من جانب آخر علاقة مزدوجة ومتداخلة فتحولت ضحى إلى امرأة مازوخية تستعذب الأم بينما تتخلى السادية واضحة لدى الراوي والكاتب حين أصبحا يستمتعان برؤية الألم عند ضحى وإبقائها مصلوبة على شباك انتظاره، هذا الذي لن يعود. وما يعيب القصة في رأي الناقد فياض، استخدام القاص لكلمة «ضجرة» ولو استبدلها بكلمة قلقة كان أقرب إلى تصوير الحالة، وأيضاً لم ير في جملته الأخيرة «هاهي ترمي من نافذتها المشرعة على الغياب باقة ورودها الملونة....»، لأنها لم تضف للقصة قيمة، وكان الأجدى به أن يترك النهاية مفتوحة على الانتظار الذي لاينتهي.. روح.. تضج بالألم والفجيعة يقول الشاعر مفيد البريدي.. علمني أن طفولة جسدي مقدسة كالنار الأبدية.. هيأني لأرى ما بعدي يا أنت إن كنت حقيقة زمني الآتي علمني بأني الأوحد في عصري أطلق من روحي روحي كي ألقاك تعمق في.. وعشني.. يا أنت يا أنت ها أنا ذاتي.. يرى الناقد عماد فياض أن أهم ما يميز قصائد الشاعر بريدي، تلك الروح الشفافة المتألمة و المفجوعة بالأسئلة التي لاتنتهي، دون إجابات مقنعة تنفس عن حالة القهر المسكون بها.. أما قصيدة النثر التي يكتبها فهي مليئة بالصور المدهشة والمفاجئة وتنساب بسلاسة كما في قصيدة «الحقيقة والخيال»: دربي الذي قد سار بي نحو المتاهة علمتني وحشو الأيام أن لا أستظل بفيئه وأنا الذي قد كنت في صلب الحروف أجول ما بين الحقيقة والخيال.... ويبدو أن واقع الحال قد انعكس على شاعرنا فجاءت قصائده تحاكي الآلام والأحزان والتشرذم الذي نعيشه في تلك الآونة وقد اتشحت كلماته بالكآبة والحزن، حتى نفسه الثائرة كانت تفيض ألماً وحسرة وشوقاً للاستقرار والوصول إلى بر الأمان. |
|