|
مجتمع
تعود رهبة الامتحانات لتلقي بظلالها الثقيلة والمخيفة إلى حد ما على أبنائنا الطلبة كنتاج للعديد من الأسباب التي تتشابك وتجتمع عناوينها وتفاصيلها عند دور الاسرة والمدرسة والمؤسسة التربوية بشكل عام، مع ما يضاف الى ذلك من تلك الظروف الصعبة التي خلقتها الحرب المتواصلة على الشعب السوري منذ نحو تسع سنوات. تبديد خوف الطالب من الأسرة يبدأ احتواء خوف الطالب وتوتره من الامتحان ، وهذا يكون بتبديد مخاوفه وبث الثقة في نفسه وكذلك تعزيز طاقاته الإيجابية بما يمكنه من تحقيق أفضل النتائج على مقعد الامتحانات، كما ان تجاهل الاهل لقلق وتوتر ابنهم الذي يصل أحيانا الى حدود الذعر، كما أخبرتنا إحدى السيدات، يؤدي الى ارتفاع منسوب الخوف ويضاعف من حجم المشكلة خاصة إذا كانت تكمن وراء هذا الخوف أسباب أسروية او مدرسية أو صحية وبالتالي من شأن ذلك أن يزيد من وطأة الامتحانات عليه وهذا ما يدفعه الى عدم تحقيق أي نتائج جيدة على مقعد الامتحانات. المشكلة أن بعض أبنائنا يبالغون في خوفهم وقلقهم وهنا الكارثة، وهو الامر الذي يؤثر على حفظهم وتركيزهم وادائهم الامتحاني، وهذا ما يتطلب تدخل الاسرة بشكل إسعافي من اجل التخفيف من هذا التوتر والخوف والعمل على تبديده شيئاً فشيئاً من خلال بث الطمآنينة في نفوسهم وتقدير خوفهم ومساعدتهم على تنظيم وقتهم وحفظ دروسهم. السهر الطويل وفي هذا الإطار نذكر أبرز التصرفات السلبية التي يقوم بها بعض أبنائنا الطلبة قبيل تقديم امتحاناتهم مثل الخوف المفرط وعدم الثقة بالنفس الذي يؤدي بهم الى الانغماس الطويل في الدراسة دون راحة أو استراحة، وفي بعض الأحيان دون أكل أو شرب، هذا بالإضافة الى السهر الطويل والمتواصل وعدم التحدث مع أي من افراد الاسرة والدخول في عزلة تامة عن العالم الخارجي وهذا السلوك من وجهة نظر تربوية هو سلوك خاطئ وخطير قد يضر بالطالب صحياً بالدرجة الأولى ودراسياً بالدرجة الثانية. لأنه يزيد من توتره وضغوطاته ويؤثر على استيعابه وقدراته، وهذا ما يستدعي من الأهل الحذر الشديد ومراقبة أبنائهم المقبلين على الامتحانات لجهة تجاه التفريق بين القلق والخوف الايجابي والطبيعي الذي ينشط الجهود الإيجابية للإنسان من اجل أن يتعامل مع الأمور الهامة والصعبة ومن ثم السيطرة عليها والنجاح فيها ، وبين الخوف والقلق المفرط (المرضي) الذي يؤثر على سلوك ونفسية وأداء الأبناء ليس في الامتحانات فحسب بل جميع الأمور التي يقدمون عليها. وهنا لابد أن نعيب على بعض الآباء والامهات تصرفاتهم وسلوكهم حيث أنهم وبدلاً من ان يلعبوا دورا إيجابيا خلال الامتحانات عبر توفير الأجواء الآمنة والمريحة للأبناء واستيعاب توترهم وقلقهم، فإنهم يعمدون عن جهل أو تجاهل إلى شحن أبنائهم بمزيد من الضغوطات النفسية عبر حضهم على الدراسة بشكل منفر ومزعج ومتخم بالتهديد والوعيد إن لم يحققوا نتائج ممتازة، وهذا السلوك الاسري غالبا ما ينتهي الى إغراق الطالب بمزيد من التوترات النفسية المتراكمة أصلا نتيجة ظروف الازمة واجوائها. الاستعداد الجيد لطالما ذكرنا سابقا أن من أبرز الأمور الهامة التي يجب على الأهل إفهامها لأبنائهم خلال فترة ما قبل الامتحانات أن الامتحان ليس حلبة صراع ضحيته الطالب، بل هو حالة عابرة ومؤقتة ومقياس منطقي للتحصيل والمعرفة المفيدة والتقييم الدراسي بهدف إعطاء كل ذي حق حقه، وهو بالتالي ليس إلا عتبة لدخول المستقبل المشرق والزاهر. ويبدأ اهتمام الاهل بأبنائهم خلال فترة الامتحانات من التحضير والاستعداد الجيد لظروف وأجواء الامتحانات داخل المنزل الذي يجب أن يُضبط إيقاعه على إيقاع الامتحانات وإرهاصاتها وتداعياتها على نفسية أبنائنا، فالهدوء والراحة النفسية والابتعاد عن الفوضى والصخب والضجيج والمشاحنات والصراعات الاسرية هو الذي يجب أن يكون سائداً خلال فترة الامتحانات، لكن هذا لا يعني المبالغة المفرطة من قبل الاهل، حيث يلجأ الكثير من الأباء والأمهات الى طرق وأساليب صارمة خلال فترة الاختبارات حيث يقومون بـ(حبس ) أبنائهم داخل غرفهم ويقطعونهم كلياً عن العالم الخارجي، هذا بالإضافة الى تحول المنزل الى حالة من الكآبة والملل، فوجود المرح وتلطيف الأجواء يساعد على التجدد والنشاط وتعزيز الطاقة الإيجابية عند الأبناء الذين هم أحوج ما يكونون الى الدعم النفسي والوجداني في فترة ماقبل الامتحانات. ويعتمد حفظ الطالب لدروسه على قدراته العقلية التي ترتكز على مجموعة من الظواهر النفسية التي يتصدر التركيز والذاكرة والتذكر و ما يقابلهما من نسيان وتشتت وعدم تركيز قائمة تلك الظواهر لدى الطلبة والتلاميذ. الراحة الجسدية ومن أهم الأمور التي تساعد التلميذ على الحفظ والتذكر هي عملية التسميع التي يقوم بها التلميذ لوحده أو بمساعدة الأهل والتي تساعده على تثبيت المعلومات والاحتفاظ بها، حيث برهنت الكثير من التجارب العلمية أن أحسن أنواع التعلم والاكتساب والاحتفاظ بالمعلومات إنما تحدث حين نخرج القراءة بمقدار من التسميع، كما بينت الدراسات والبحوث التجريبية انه في حالة المواد الأدبية يكون من الأنسب تخصيص 80% تقريبا من الوقت للتسميع، أما في حالة المواد العلمية فيجب ان يكون مقدار التسميع متراوحا بين 40 - 70% ، وهو الأمر الذي يوجب على الطلاب مزج حفظهم لدروسهم بشيء من التسميع الشفهي أو الكتابي إذا أرادوا احتفاظا مناسبا للمعلومات. ومن الأمور الهامة التي لا تساعد على الحفظ قلة النوم والراحة اللتان تحفزان بدورهما على النسيان، ذلك ان النوم ينتهي عادة بتثبيت نشاطات وفعاليات يقظته وعليه فإن تثبيت الدروس التي حفظها الطالب يكون أحسن عندما نعقبه بفترات من الراحة كما أن تثبيت المعلومات يزداد بازدياد الفواصل الزمنية لليقظة، مع ملاحظة الفروقات الجسدية والعقلية للتلاميذ والطلاب لجهة القدرات والطاقات والقدرة على الحفظ والاستيعاب ،هذا بالإضافة إلى دور العوامل المادية التي تحيط بالطالب أثناء الدراسة والمذاكرة التي تبدأ من التهوية الجيدة لمكان الدراسة ولا تنتهي عند توفير الدفء العاطفي والأسري للتلميذ بالتزامن مع تأمين الراحة النفسية والجسدية. الحذر من المنبهات من العادات الخاطئة التي يتبعها الأهل مع أبنائهم خلال فترة التحضير للامتحانات هي الإكثار من تقديم المنبهات لهم كالقهوة والشاي اعتقادا منهم ان هذه المنبهات تساعد على الحفظ والدراسة، وهو ما يؤدي الى إجهاد الجهاز العصبي الذي يؤدي بدوره الى ضعف الاستيعاب، ذلك أن الإفراط في اليقظة بفعل المنبهات يؤدي الى الإرهاق الجسمي والعصبي فتجعل الطالب أكثر اضطرابا واشد قلقا فتضعف قدرته على التركيز والفهم، وهذا ما يوجب على الأهل الابتعاد عن تلك المنبهات والتخفيف منها قدر الإمكان واستبدالها بمشروبات وعصائر طبيعية تتوافر فيها مختلف العناصر الغذائية لان نقص بعض المواد الغذائية كالبروتينات والفيتامينات يؤثر على أداء العقل لوظائفه والإفراط في تناول المنبهات يفقد الطالب شهيته للطعام وبالتالي يعوق العمليات الفكرية ويقوم بتنظيم مواعيد تناوله للطعام . |
|