|
شؤون سياسية وحب التسلط على ثروات و مقدرات الشعوب الضعيفة (أمم الجنوب), اضف على ذلك تعاظم التوحش في العقائد العنصرية التي استغلت مثلاً تحطيم العقيدة التي بشر بها سيدنا عيسى عليه السلام لتصنع من خلالها الحروب الصليبية في وطننا العربي أو تلك التي تفتقت عن الظلم الاقتصادي الذي أرساه الجشع الرأسمالي في القارة الأوروبية وقاد بشكل أو بآخر له إثارة الحربين العالميتين , أو تلك التي انبثقت عن ضيقة ذاتية للصهاينة وذلك منذ أيام سيدنا موسى عليه السلام وحتى أيام الطغيان الوحشي المتعاظم على بطاح فلسطين منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى اليوم. إن فهم ظاهرة الإرهاب يستدعي باعتقادنا الانطلاق من العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والإيديولوجية التي تكمن وراء مختلف ظواهر الإرهاب. ولقد اختلفت الآراء حول تعريف الإرهاب الدولي, حيث هناك أكثر من مئة تعريف له, ويمكننا أن نجتهد في تعريف له بالقول إنه: )كل عمل ذي صبغة سياسية, أواقتصادية أو عسكرية أو دينية أو ثقافية يستهدف النيل من حرية الإنسان وكرامته والإساءة إليه نفسياً وجسدياً وخلقياً وروحياً بهدف إلغائه وإحلال آخر مكانه, وتتمثل أعلى درجاته باحتلال أراضي الغير والسيطرة على إرادة الشعوب و التدخل في شؤونها وتشويه حضارتها(. ويتمثل إرهاب الدولة في عدة أشكال منها: تقديم الدعم إلى الأنظمة الاستعمارية والعنصرية كما تفعل اليوم الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها الكيان العنصري في فلسطين لارتكاب المذابح ضد الشعب العربي في فلسطين ولبنان. أو تقديم الدعم إلى جماعات مسلحة تقوم بعمليات تخريب وتدمير ضد حكومة وطنية لاتخضع للإدارة الأمريكية وهذه الظاهرة منتشرة الآن بكثرة في عدة بلدان, حيث قامت الامبريالية الأمريكية والصهيونية بشراء ضمائر بعض أبناء هذه الشعوب عن طريق الحركات الأصولية المتزمتة المنغلقة التي صنعتها في أقبيتها وحرفت من خلالها القيم والمثل والأديان لتستخدمها ضد أبناء بلدها في القتل وإثارة الفتن والجريمة وضرب الأمن والسلم والأمان لتعيث فساداً ودماراً خدمة للامبريالية والصهيونية ولإرغام هذه الحكومات الوطنية وشعوبها على الركوع لطروحاتها. أو تصنيف بعض الحكومات والدول بأنها ضمن محور الشر وتتهمها بأنها من ينظم ويرعى الإرهاب, واتهام حركات التحرر والمقاومة بأنها منظمات إرهابية ومحاربتها ومحاصرتها بكل الوسائل المتاحة. لقد أثبت التاريخ أن الامبريالية العالمية والصهيونية هما رأس الإرهاب الدولي, وأن مايتبعانه من سياسات اقتصادية وعسكرية وغيرها يجعلهما الباب الواسع للإرهاب . أمام هذا الواقع, يبرز سؤال مهم, هل: ثمة سبيل لمواجهة هذا الإرهاب? من يستعرض تاريخنا العالمي لاتعوزه الفطنة ليتأكد من عظمة التضحيات التي قدمها شعبنا دفاعاً عن أرضه وتاريخه وقيمه وفي زمن كشفت فيه الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية عن أهدافهما في ابتلاع العالم واجتثاث هوياته القومية, فهل نقبل نحن العرب اليوم ذلك طائعين مسلمين ننفذ مانؤمر به, ونساق إلى الموت كالنعاج, أم أن لنا قولاً آخر? إن أمريكا وإرهابها ليس قدرنا ويمكننا مواجهته باستنباط وسائل جديدة للعمل, وتطوير العلاقات مع دول العالم على أسس واضحة, تعتمد المرتكزات القومية العربية كأساس لهذا التطوير مع التأكيد على التمسك بالثورات والحقوق الوطنية وعدم التفريط بأي من هذه الحقوق والاستفادة من نهج المقاومة والاستشهاد الذي أثبت أنه الخيار الأفضل للعرب لاستعادة حقوقهم, ولنا في دروس المقاومة الوطنية اللبنانية في لبنان وفلسطين والعراق دليل واضح على فعالية هذا النهج الذي أمتد ألقه إلى الأرض العربية فألهب نفوس الجماهير العربية على امتداد ساحة الوطن العربي الكبير. على أي حال يبدو أنه لامناص لعرب اليوم من تتبع إشراقة المقاومة العربية الحرة على أرض فلسطين المحتلة والبطولات على أرض العراق الصامد ولبنان المنتصر وشحذ الهمم لمتابعة قومة العزة الوطنية الشجاعة هذه والتي يقودها اليوم بكل جدارة قطرنا العربي السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد والتي ترسي دولة قوية راسخة متمسكلة بثوابتها والعمل مع الشعوب المحبة للسلام لعقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب بما يخدم الشعوب وليس الامبريالية وأعوانها, وكسر الحصار الفكري المروج للهيمنة والخضوع لإرادة القطب الواحد, وتعرية العبارات الثقافية والاقتصادية والسياسية المروجة للعولمة بأشكالها المختلفة والبدء بتبصير شبابنا العربي بالرموز الأساسية التي صنعت أمجادهم وتاريخهم والحفاظ على القيم الوطنية والقومية ومحاربة التطرف والتعصب والإيمان بالحوار الموضوعي البعيد عن الاستلاب والذوبان وترسيخ الحقيقة الراسخة في أذهان شبابنا بأن حقوق الأمم والشعوب لاتذهب بالتقادم ولايجوز التنازل عنها بسبب عدم قدرة جيل على استرداد تلك الحقوق أو بعضها, لأن الأمم الحية لاتتنازل عن حقوقها لمجرد أنها أرهقت أو أُرهق جيل من أجيالنا أو انهزمت في معركة, الأمم لاتهزمها خسارة معركة, إنما يهزمها الإحباط والضياع وغياب الوعي. إن المواجهة تحتاج إلى المثابرة والمرابطة, وكم من بطل عربي حقق انتصاره على أشكال الطغيان الاستعماري في تاريخ البشرية وهو يحمل بيده جمرة من نار ذكرته على الدوام بأن مايؤخذ فبالسيف يؤخذ وإن إرادة الشعب هي الأقوى وهي المنتصرة طال الزمن أم قصر. ولقد بدأت بوادر النصر في العراق وفلسطين ولبنان وإن مانحتاجه اليوم هو التكاتف بين الشرفاء والطي من العالم عامة وفي وطننا العربي خاصة انسجاماً مع عقيدة ليون تولستوي في كتابه الحرب والسلام: (وإذا كان الأشرار عبر التاريخ يتعاونون رغم اختلاف مصالحهم على فرض إرادة الشر على البشرية فهذا درس للأخيار أن يترابطوا ولو لمرة واحدة في تاريخ البشرية ففي هذا الترابط منطلق خلاص البشرية). |
|