|
شؤون سياسية ويتوقع المحللون انخفاضا هائلاً في مستوى إنفاق المستهلكين, وصعوبة الحصول على الأرصدة والائتمانات, وخسارة عشرات الآلاف لوظائفهم, والمزيد من عجز البنوك, فهل ما نشهده اليوم أزمة نظام رأسمالي أم أزمة في هذا النظام?!. ورغم مساعي أوروبا لعقد قمة عالمية في نيويورك الشهر المقبل لانقاذ النظام الاقتصادي العالمي من الانهيار يطلع علينا الرئيس جورج بوش , كعادته )ليطمئن( الأميركيين والعالم بأن الأزمة ستنتهي, وإن كانت ستطول بحسب زعمه, أي إن المسألة مسألة وقت فقط, متناسيا, أنه كان يطمئن الأميركيين والعالم دوما بانتصار هنا وهناك, لكن النتائج على الأرض تبرهن بطلان ادعاءاته,سواء بالنسبة لحروبه الظالمة التي شنها ضد العراق أو افغانستان, وسواء فيما يتعلق بسياساته الاقتصادية الهوجاء التي دمرت الاقتصاد الأميركي, ولسان حاله مع زمرة المحافظين الجدد يقول: لتذهب الأرض إلى الجحيم إذا كان الأمر يتعلق بالحد من التلوث العالمي وحماية البيئة أو يتعلق بمشاركة الدول الأخرى في إيجاد حلول لمشكلات العالم, طالما أن الرأسماليين الأميركيين بخير وطالما أن الأرباح تزداد في جيوب الأثرياء. لكن الحسابات الخاطئة أثبتت أن الفوضى المالية الحاصلة اليوم مردها للجشع والغطرسة الامبراطورية وسياسة القطب الواحد ومحاولات السيطرة والهيمنة على العالم وثرواته ومقدراته. ومن هنا نفهم رفض بوش عقد لقاء دولي لانقاذ النظام الاقتصادي العالمي والذي يدعو إليه عقلاء النظام الرأسمالي لانقاذ الرأسمالية من نفسها بعد أن تحولت إلى النيوليبرالية بقسوتها وجشعها اللامتناهي والتي أطلق عليها بحق اسم كازينو القمار الرأسمالي. إن التوقعات تشير إلى أن الأزمة الحالية سوف تستفحل في أميركا لتشهد مشروعات البنية التحتية تراجعا حادا ويزداد انخفاض حجم الصادرات الأميركية, ويتراجع نظام الرعاية الصحية ويفسد النظام التعليمي وترتفع ضريبة الدخل على صغار المكلفين. وهكذا فإن مفاعيل الأزمة ستحرق بنيرانها دافع الضرائب الأميركي أولا, وستشمل آثارها التدميرية بقية دول العالم وخاصة الفقراء في هذه الدول. فهل من صحوة عالمية لإعادة التوازن إلى العلاقات الدولية ومن ثم لعلاقات الانتاج لتكون أكثر عدلا وتوازنا في ظل عالم إذا عجز عن أخذ عوامل الزمان والمكان بمعنى الجغرافيا السياسية وكذلك المعرفة وما يحدث بينها من تداخلات معقدة شتى, فإن العجز عن الأخذ بهذه الاعتبارات الثلاثة, وبرأي آلفن توفلر يطعن في مدى قدرة النمط التقليدي السائد في أوساط صانعي السياسات والقرارات المالية, على التصدي لفداحة الأزمة الحالية وعمق تأثيرها.. لذا تتطلع عيون البشر إلى الصين وإصلاحاتها وتقدمها المذهل وكذلك إلى نموها المتسارع, فالتنين الصيني, كما يحلو لكثيرين تسمية الصين به, تجاوزت سورها الذي كان يفصلها عن العالم, والذي أقامته أصلا لصد الغزوات الخارجية, وهي تبرهن يوميا أنها قادرة على أخذ عوامل الزمان والمكان والمعرفة مجتمعة لتحقيق الرفاه لشعبها والانطلاق عالمياو على الأرض وفي الفضاء أيضا, ونجحت الصين في حين عجزت الليبرالية الحديثة في حل مشكلات اقتصادية بدت مستعصية على منظري النيوليبرالية وحققت توازنا بين متطلبات الفرد وحقوق الجماعة, وهي تنطلق بتوازن في علاقاتها الخارجية دون أن يكون لديها أطماع توسعية أو تطلع للهيمنة والسيطرة, كما فعلت وتفعل دول مثل الولايات المتحدة الأميركية. لقد نجحت الإصلاحات في الصين لأنها اعتمدت على تحقيق التوازن بين تأمين مصالح الدولة والأفراد واعتمدت سياسات تبادل اقتصادية عادلة مع دول العالم الأخرى. فهل نشهد إحياء نظام عدالة اشتراكي الطابع في أنحاء مختلفة من العالم يكون قابلا للحياة ويتمكن من التغلب على التناقضات في الداخل والخارج , ويجد الحلول المناسبة لأزمات العالم وفي مقدمتها الأزمات الاقتصادية. |
|