|
كتب فالإحالة التي وضعها الفنان (نديم آدو) في الغلاف الذي صممه لمجموعة الشاعرة الأردنية (نضال حمارنة) والذي أخذ شكل تشابكي ليدين أنثويتين في أسفل منتصف الغلاف, هذا التشابك سيدلي بعد قليل بتناظرات مختلفة; تظهر فيها الإضاءة على اليد اليسرى للصورة أقل من اليد اليمنى التي تصعد من الأسفل بشفافية عالية من المعصم المبتور, والمتعاضد مع كف اليد العليا التي تخترق فراغاتها تلك اليد الآتية من الأسفل على شكل تراكب تلاحمي هائل الالتصاق, تتعامد فيه أصابع اليدين اللتين تشيان بأنوثتهما, وذلك من خلال طلاء الأظافر بالأحمر المخفف والهادئ, آخذاً شكل البشرة التي تجمع بين إبهام اليد الأولى وإبهام اليد الآتية من الأسفل, بينما تأتي كلمة (شعر) على هيئة مانشيت صغير للتقاطع بصرياً تحت شمس العنوان الذي وضعته (حمارنة) لمجموعتها الشعرية الأولى (مُفاعل حسّي); النصوص التي تبحث عن الجندر`( فحيث يكتفي الفنان)نديم آدو( بلون أزرق لكلمتي(مُفاعل وحسّي» على أرضية بيضاء تحيط بمستطيل الصورة التي أخذها للغلاف; لا تترك لنا الشاعرة سوى بورتريه لإهداء )إلى رحم أمي, شكراً, مذيلةً الصفحة الأولى أن نصوصها تبحث عن الجندر كوظيفة اجتماعية لا بيولوجية )النوع» الذي تنتمي إليه )نضال» التي تفتتح ب»فالس تشكيلي» لتتابع»ياديب..نصل النهار على لحم الليل يتوهج, فحمٌ في الروح, احتضارٌ في الجدران, قناصٌ على أوراقي, وأنا ..أنا أتأبط ورد الحياة» ما يلفت الانتباه ومنذ المقطوعات الأولى ل»نضال) مساحات البياض المتروكة والمتفاقمة إثر كل مقطوعة, الصمت بين الجمل على هيئة سكنات بيضاء مستديرة, فبعيداً عن الوحشية التي تنهب الجملة وتفخخها على نحوٍ عاطفي مدوٍ; توغل الشاعرة أكثر وأكثر في تصوير المشاهد الأكثر مرارةً وحميمية»جسدكَ الآتي, كفَراشٍ بطيء, يفرفط أزراري.. ثم يمضي) تأتي هذه الجمل غير مطولة وعلى هيئة تعريفات وأفعال أمر »هسيس العتمة, دفءٌ صارخ, تمادَ بشدة, أترك لفوضاك الرحابة, وتعال كما تأتي الأشياء لحتفها, توارَ في هاوية المخدة, أو أُرقص على مسيقا سريركَ الهابطة) رغم ذلك تتابع الشاعرة مع الملمس الناعم الذي اختارته كهوية »لمُفاعلها الحسّي) معولةً على قدرة اللفظ بإعادة الوصف الذي يبتكر من أشياءه صوراً أكثر حسية »نارنج شفتي, ينثر وجع السكر على رعشة شفتيكَ) وفيما تختبيء رعشة طويلة ومدوية خلف مقطوعات مختصرة عن الحب »يعبر كلب أزرق على طريق الغواية المديد). إن نضال لا تسعى إلى تقطيع الصوت إلى أصوات, وإنما تريد أن تسجل ببساطة ما تتركه الكلمات من مساحة مواربة بين الأشياء والكلمات, وذلك من خلال اللعب الحر والبريء بالألفاظ لمطابقة الصورة الشعرية مع حجم هذه الأشياء أو فكرتنا عنها»خوفك يسعف شارة النصر المقلوبة, في فستان الأنثى التي هوت وعراها من الألم, على سلم الجسر) هكذا يكون الانزياح عبر اللعب نوعاً من ملامسة مبتكرة للأشياء, وهي خارجةٌ للتو من مخابر الكلمات المتضادة , المتقابلة في آنٍ معاً» بلا غطاء, عاريةٌ من كل شيء, من أي شيء, أغفو في قلبكَ وأنا أشرب دم المسيح, أفرحُ لأنين قطع الثلج, وأبكي خطيئةً لم أرتكبها) ومع لعبة الانزياح هذه سنجد متسعاً أكبر لسادية مضمرة, احتلام مزمن بالمشهد الذي تقدمه نضال في هذه التجربة دون استهلالات فجائعية» حين شعرتُ أني أمريكا سحبتكَ إلى مدخل العمارة الأنيق, وقرب الأسانسير أكلتُ شفتكَ, هتكتُ سرتكَ» بالمقابل تعود في )رجلٍ ينسى يديه»: إلى الصورة في وداعتها وتوازنها العاطفي» قدمي المتوحشة دون كلل, تكوء على حافة السرير..) مع التنويع على التخفيف من وطأة الرمز بإيراد أسماء بعينها )رجاء طايع, خالد خليفة, نادي الصحفيين» فتتحول المقطوعات إلى قصائد »هايكو يابانية) مختصرة وبليغة وجارحة, وحيث تستمر أفعال الأمر »أصمت كي أراك, مزق لحم الجلد, واقلب نبضكَ نحو شفتي) توغل »حمارنة) مرة أخرى في الجرعات الحسية العالية التي تجعل من مُفاعلها الحسّي مخصباً جنونياً لطاقة» الكلمة الرمز)والصورة, فمن يوميات تعطيها الشاعرة شكل »بورتريهات) تختزل الوجداني إلى قدرة الحواس باعتبارها خزّان المعرفة الأول; ومن خلال إعادة تعريف الأشياء بكلماتها. إنه مُفاعل على درجة خطيرة من العدوانية الخلاقة التي تجترح من تنافر الحواس أكناه متعددة للمذاق الرائع للخطيئة... |
|