تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هذا الكرنفال القبيح

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 22/10/2008
نبيه البرجي

لمن يخجل من جدلية القاع في هذا الكرنفال العربي القبيح...

لمن يستشعر العار في عظامه, ونحن نأكل عظام بعضنا البعض, كما لو أنه لا يكفي ما يفعله الآخرون بنا, لنستخرج من الكهوف تلك الحجج البالية, بل والقاتلة, في مقارعة بعضنا البعض, فيما يضع إعلام الإثارة, والابتذال, والتبعية, والتفتيت, والتواطؤ, كل إمكاناته لوضع أسناننا في الضوء...‏

لا شيء سوى أسناننا في الضوء, وها أن حوار القباقيب يحل محل حوار الأدمغة, فيما العالم يتغير من حولنا, وفيما الآخرون ضالعون في صناعة المستقبل, وفي صناعة الرؤى, وفي صناعة الاستراتيجيات, هل من أحد هناك, وراء ذلك الظلام الكبير, ينقذنا من الهواء الأسود, ليس الهواء الأصفر فحسب, الذي يملأ المكان?‏

هل من أحد يجرنا بعيدا عن جاذبية المستنقعات, وحيث الكلام الذي يستخدم ليس كلام الحياة, بل إنه الكلام الذي استبقته في اللاوعي تلك الميتولوجيات التي قامت على ترويع اللاوعي والوعي على السواء..?‏

كلام, وكلام مضاد, حجة وحجة مضادة, قنبلة وقنبلة مضادة, كما لو أن الإعلام هو وسيلة اتصال بين المستنقع والمستنقع, وليس وسيلة لحملنا إلى العصر, بل إلى الجانب المضيء في العصر, وحيث لعبة الأفكار تأخذ المنحى الآخر الذي يعنى بإعادة ترميم العبقرية البشرية, وقد تعرضت بفعل الثقافات الامبراطورية, للاهتزاز إن لم نقل للتفكيك, وها إن مجتمعاتنا (ويا للغرابة) هي الأكثر قابلية للارتهان لدعاة الانهيار الذين دعاهم جان زيغلر ب (أساقفة اللامعنى).‏

أحدهم (أحدنا) لاحظ كيف يتم تعذيب اللغة بالصدمات الكهربائية, الذين يعشقون اللغة بإيقاعها الفذ وبمحتواها المترامي, لا يغتصبون الكلام بتلك الفظاظة, بل وبذلك الارهاب الفقهي الذي لا يأخذ بالاعتبار أن علينا, وفي هذا الوقت بالذات, أن نكون رزمة واحدة, ما دامت الزلازل تحيط بنا من كل حدب وصوب, وما دمنا نعامل على أننا مجرد حقول من الاسفنج...‏

إذاً, هذه دعوة إلى الإعلاميين, والمثقفين, وإلى كل من يشعر بأن الفضيحة الراهنة تحطم كل ما بقي لنا, وتؤسس لكارثة قد تطرق الباب في أي لحظة, بأن نعي مسؤولياتنا, وأن نشكل جبهة موحدة ضد من يستخرجون من جدران المقابر كل تلك (البلاغة) ويلقونها في وجه الآخر..‏

ولنقل لهم إننا لن نسكت, لأن سكوتنا هو الوجه الآخر للفضيحة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية