تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سجلها حافل بالفظائع والمجتمع الدولي يغض طرفه خوفاً وترهيباً.. جرائم حرب واشنطن بأفغانستان على طاولة الجنايات الدولية.. فهل تطال البلطجة الأمريكية ؟؟

الثورة - رصد وتحليل
أخبــــــــــار
الثلاثاء 23-10-2018
ليس خافيا على احد كم الاجرام الهائل والسعي المحموم لافتعال الحروب لفرض الرغبة الاستعمارية الامريكية على دول وشعوب العالم المسكونة به الادارات الامريكية المتعاقبة وان اختلف اسلوب كل ادارة عن سابقاتها الا ان جميعها مسكونة بوهم الاستكبار العالمي والرغبة بفرض المشيئة الامريكية على كل الخريطة الدولية معتمدة على الترهيب والتخويف والابتزاز

وفرض العقوبات اضافة الى الاستثمار بالارهاب ومخرجاته كوصفة مجربة للتدخل السافر في شؤون الدول ذات السيادة والرافضة للهيمنة الاستعمارية الامريكية، فسجل أمريكا الجنائي حافل بالجرائم الإنسانية التي أصبحت ترتكبها على العلن متحدية العالم أجمع، والتقارير والصور والوثائق التي تجسد أفعالها الشنيعة وتثبت حقيقة ارهابها اكثر من ان تعد او تحصى ، فضلا عن الاعترافات الصادرة عنها، كلها تستوجب ان تجلسها على كرسي مجرم الحرب أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، التي لم تسمح لها واشنطن يوما بأن تمارس عملها الطبيعي في بسط قواعد الأمن والاستقرار في هذا العالم.‏

فمنذ بداية تأسيس هذا المحمكة سعت واشنطن جاهدة لتحويلها إلى مكتب لتسيير أعمالها وتمرير قراراتها تحت غطاء دولي يجنبها المساءلة والملاحقة القانونية عند ارتكابها لجرائم حرب وغيرها من الممارسات والنشاطات الارهابية التي عودتنا امريكا على ارتكابها وتنصلها الدائم من المحاسبة والمساءلة القانونية والدولية.‏

فالولايات المتحدة التي تتظاهر اليوم بأنها تقوم بدور الشرطي لحماية العالم أجمع، يجب وضعها في رأس قائمة منتهكي حقوق الإنسان في العالم جنباً إلى جنب مع الكيان الصهيوني باعتباره أكبر مجرم حرب قام بالكثير من الجرائم ضد الإنسانية، وذلك لأن متزعمي الادارات الامريكية قاموا بالكثير من الأعمال الإجرامية، وذلك من أجل تحقيق مصالحهم وأطماعهم، حيث قاموا بالكثير من المجازر في «هيروشيما» مستخدمين القنابل النووية لرفض اليابان تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام والذي كان ينص على استسلام اليابان استسلاما كاملا دون أي شروط، وكذلك في «ناغازاكي» في أقصى الشرق من آسيا وفي العراق حيث وصمة العار تلاحق المجتمع الدولي الذي غض الطرف عن فظائع الاحتلال الامريكي ، وحتى بحق شعب «بنما» و»فيتنام» وبعض الدول في أمريكا الجنوبية، فلم تكتف بما قامت به مسبقا بل استمرت في ارتكاب الجرائم في أفغانستان والصومال دون ملل زاعمة أنها تحاول تحقيق السلام والديمقراطية في العالم، وصولا الى تشكيل تحالف مزعوم لمحاربة الارهاب بشكل غير قانوني ومن خارج مجلس الأمن ومن دون موافقة الدولة السورية ودون الرجوع الى الحكومة العراقية تحت مسمى «التحالف الدولي» بذريعة محاربة الإرهاب، ليتنافس مع تنظيم داعش الارهابي في حصد أرواح المدنيين السوريين والعراقيين على مرأى المجتمع الدولي ومجلس الامن، وذلك وفقاً لما تتطلبه مصلحة القادة الأمريكيين.‏

لم تتوقف جرائم امريكا هنا بل انتقلت عمليات الإجرام والقتل التي يقوم بها النظام الأمريكي في كثير من بلدان العالم إلى داخل حدودها وضد الشعب الأمريكي نفسه وتذكر العديد من المصادر التاريخية بأن النظام الأمريكي قد قام منذ تأسيسه بالكثير من الجرائم ضد الهنود الحمر «السكان الأصليين» وضد اللاجئين والمهاجرين، وفي عام 1993 قام هذا النظام الوحشي بمجزرة كبيرة بحق «الداووديين» الساكنين في مدينة «واكو» التابعة لولاية تكساس الامريكية.‏

يبدو انه حان الوقت لكي يتلاشى غبار الجرائم اللا انسانية التي تقوم بها الولايات المتحدة بحق شعوب العالم، ليوضع اليوم ملف جرائم امريكا على طاولة المحكمة الجنائية الدولية، فهل ستفعلها المحكمة الدولية وترفع في وجه واشنطن فيتو الرفض لانتهاكاتها نافضة عنها غبار الانصياع لأوامرها؟ وهل ستستفيق المحكمة وتغسل نفسها من اثام تبعيتها لها وما ارتكبته من شرور بصمته عن تطاولاتها على الشرعية الدولية والمشي في ركبها الاستعماري؟؟.‏

وفي هذا الاطار، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن ضباط الجيش والمخابرات الأمريكيين ارتكبوا جرائم حرب خلال الحرب الأفغانية وإن التحقيقات في هذا الشأن يمكن أن تبدأ بموافقة قضاة المحكمة، وبالنظر إلى أن أمريكا ليست عضواً في المحكمة وتعتبر أن آراءها لا تعنيها خاصة فيما يخص تصرفات القوات الأمريكية في أفغانستان.‏

اليوم محكمة الجنايات الدولية تفتح صفحات من جرائم امريكا في افغانستان حيث تتهم فاتو بن سودة أول مسؤولة رفيعة المستوى في محكمة الجنائية الدولية تتهم القوات الأمريكية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في أفغانستان وفي السجون السرية التابعة لوكالة المخابرات المركزية، ولم يكن هذا أمراً جيداً بالنسبة للأمريكيين، حيث إنهم خلال الـ 17 سنة الماضية كانوا يرفعون شعار محاربة الإرهاب في أفغانستان، ولم يرغبوا في رؤية اتهام من مؤسسة دولية حقوقية يمسّ هذه الصورة، ونظراً لحقيقة أنه حتى الآن لم يتم محاكمة أي ضابط عسكري أو عنصر تابع لوكالة المخابرات المركزية أو غيره من القوات التابعة لأمريكا من قبل السلطات القانونية الدولية، إلا أن المحكمة اليوم تستطيع إذا اذن قضاتها ببدء التحقيق في أفغانستان، فذلك سيؤدي على الأقل إلى محاكمة كبار المسؤولين الأمريكيين (كجورج دبليو بوش وديك تشيني وجورج تينيت) والجنود وموظفي وكالة المخابرات المركزية الضالعين في الجرائم كما ويمكنها أن تصدر بحقهم مذكرات اعتقال أيضاً.‏

ختاماً، لقد أظهر انسحاب أمريكا من معاهدات كثيرة كمعاهدة باريس للمناخ، ومعاهدة السلام في المحيط الهادئ، ومن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اظهر أن ترامب لا يراعي القانون الدولي، ومؤسسات الشرعية الدولية مشتراة الذمم والضمائر عندما يتعلق الامر بامريكا والقانون الدولي لم يظهر القدرة الكافية على إجبار أمريكا للامتثال له، وعلى الرغم من حقيقة أن أمريكا تعتبر محكمة الجنايات الدولية ميتة وغير فعّالة، ولكن إذا استطاعت هذه المؤسسة الشروع في الملاحقة القضائية للمجرمين الضالعين بالجرائم في أفغانستان، فإنها ستحقق نجاحاً كبيراً لكلّ من القانون الدولي والضحايا الأفغان معاً، وإن السكوت عن هذه القضايا يعدّ امعانا من المجتمع الدولي في محاباة المجرم القاتل والسكوت البغيض عن انتهاكاته اللاانسانية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية