|
دراسات وعلى أرجوحة صدئة يتناوب على دفعها الإخواني والصهيوني بحسب الموقع والدور والهدف. طوال المرحلة الماضية، وخاصة بعيد دحر التنظيمات الإرهابية من مدينة حلب قبل نحو ثلاثة أعوام، انتهج النظام التركي سياسة المماطلة والابتزاز وقضم الوقت بغية تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والطموحات الإخوانية التي كان يلهث لجعلها أمراً واقعاً على الأرض، إلا أن الصمود السوري والانتصارات المتواصلة للجيش العربي السوري التي كانت تقهر الإرهاب وتضيق الخناق عليه، كانت له بالمرصاد، حيث كانت تعرقل وتنسف وتحطم وتقتلع كل تلك الطموحات والأوهام الاستعمارية من جذورها. سياسة الابتزاز التي مارسها أردوغان لم تتوقف لحظة طوال سنوات الحرب الماضية، ولكنها لم تنفعه في شيء، وهذا يعزى بطبيعة الحال إلى قناعة ويقين شكلته المتغيرات والظروف والتجارب حاضرها وقديمها بأن أحداً لن يستطيع كسر إرادة الشعب السوري، ولن يستطيع تحقيق شيء في الميدان طالما رجال الجيش العربي السوري يقتحمون الوغى بكل جرأة وشجاعة وإيمان راسخ بالنصر مهما استشرس اللص أردوغان هو وإرهابيوه الذين يدعمهم بكل طاقته وقوته. هزائم أردوغان المتواصلة كانت تدفعه إلى المناورة والمراوغة، ومحاولة تأخير عقارب الساعة إلى الوراء والبحث عن منافذ للابتزاز والاستغلال، عبر المضي في سياسة دعم واحتضان التنظيمات الإرهابية، ومن خلال الهروب والتهرب من تنفيذ التزاماته وتعهداته التي كان في كل مرة يدعي أنه سوف يلتزم بتنفيذها. التفاهم الروسي مع النظام التركي، وجه ضربة قاصمة لأردوغان وأدواته وحلفائه، على اعتبار أن ذلك التفاهم أتى على آخر آماله بتحقيق أي مكاسب ميدانية من شأنها أن تحدث فجوة في الواقع تعيده إلى واجهة الحدث كطرف فاعل ومؤثر في المشهد، ذلك أن هذا التفاهم أعاد تأكيد حقيقة ثابتة وساطعة لطالما حاول أردوغان تغطيتها بغربال العنتريات والأوهام الإخوانية والعثمانية المتورمة، وهذه الحقيقة هي أن دمشق ماضية في قرار محاربة الإرهاب حتى دحره وسحقه، وهذا قرار لا رجعة عنه ولا يمكن التخلي عنه تحت أي ظرف مهما كانت التضحيات والأثمان كبيرة. اللص أردوغان حاول مراراً وتكراراً وبدعم من سيده الأميركي وشريكه الصهيوني إبقاء حالة الحرب والفوضى قائمة، لأنه يعلم هو وشركاؤه في الإرهاب والعدوان أن هذا الوضع يخدمهم جيداً ويمكنهم من الولوج عميقاً في إستراتيجية التقسيم والتدمير ونهب الخيرات والثروات. اتفاق موسكو لم يثبت الواقع الميداني فحسب لجهة الإنجازات والانتصارات الكبرى التي حققتها الدولة السورية خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية على جبهات الشمال التي كانت مرتعاً للمجاميع الإرهابية المدعومة من أردوغان، بل شرع الباب واسعاً على مرحلة جديدة من التعاطي الجدي الاستراتيجي مع التحولات الميدانية الجارفة التي عصفت بكل أوهام وطموحات الإرهاب، وهذه رسالة واضحة يجب على أردوغان فهمها جيداً، لأنه لم يعد يملك أي خيارات ميدانية، سوى الانصياع لتنفيذ مخرجات التفاهمات والاجتماعات واللقاءات السابقة والاستسلام للواقع الميداني، وخصوصاً في ظل تنامي حالة من الكره والغضب في الشارع التركي حيال سلوكه الأحمق وسياساته الإرهابية والإخوانية التي أعادت تركيا إلى واجهة الدول التي تدعم الإرهاب خدمة لأجندات ومشاريع إخوانية وأميركية، وباختصار شديد يمكن القول إن التفاهم الأخير مع النظام التركي قد أغلق آخر منافذ الابتزاز التي كان يطل من خلالها أردوغان على المشهد بعد أن كان يأمل بإبقائها مشرعة إلى ما لانهاية، ليجد نفسه محشوراً في عنق الزجاجة، وبلا أي مكانة أو كرامة ولاسيما بعدما تحطمت «هيبته» على أعتاب الكرملين!!. ثمة عناوين كبيرة بدأت تتشكل في الأفق إثر انتصارات الجيش العربي السوري، قد تكون مهيأة لأن تتسيد المشهد خلال المرحلة المقبلة، في ضوء ما أرادت دمشق وحلفاؤها إيصاله إلى ذلك الأبله بأنه لا تلاعب أو التفاف بعد اليوم، وأن العودة إلى الوراء خطوة واحدة باتت أمراً مستحيلاً، ليس هذا فحسب، بل إن الرسالة الأهم التي يجب عليه فهمها وإدراكها هي أن خياراته باتت معدومة على الأرض، وأن عليه الاستجابة لتحولات ومتغيرات الواقع الميداني الذي يفرض عليه التخلي عن سياساته الداعمة للإرهاب وكذلك عن طموحاته وأوهامه العثمانية والإخوانية داخل الجغرافية السورية. |
|