تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صفحات مـن تــاريـخ المسـرح العربي

ثقافة
الجمعة 13-3-2020
علاء الدين محمد

واجه المسرح العربي منذ نشأته صعوبات كبيرة ومر بمراحل بالغة التعقيد, عانى ما عاناه على يد السلطتين المدنية والدينية في عالمنا العربي وكان يحارب بشكل مستمر لأنه منبر لبث الوعي في نفوس الجماهير, والإضاءة على مكامن الخلل والفساد في مناحي الحياة المختلفة.

كتاب جديد صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب تحت عنوان (تأريخ التراث في المسرح العربي المعاصر) للكاتب عبد اللطيف الأرناؤوط, الذي وثق للمراحل التاريخية التي مر فيها وكيف حورب، واستغل من الطبقة البرجوازية للدفاع عن مصالحها في مواجهة الحكم الملكي الاستبدادي, لكن بعد سقوط الأنظمة الملكية في العديد من البلدان العربية توجهت البرجوازية الوطنية في هذه البلدان إلى تسخير المسرح لأهدافها الاستغلالية وخدمة مصالحها الرأسمالية, وعند أول محاولة لإقامة المسرح العربي المعاصر في مصر عمدت الدول الاستعمارية إلى إعداد اليهودي يعقوب صنوع الملقب بـ (أبي نظارة) وتحت ستار نشر الوعي حرص على معاشرة عامة الشعب والتغلغل في صميمهم والتعرف عل تراثهم الشعبي وفي عام 1870 أنشأ صنوع أول مسرح عربي في القاهرة لكنه للأسف كان ملك الدسائس والفتن, يتنقل من موقع سياسي إلى آخر متتبعا سياسة فرق تسد, والشعب المصري خدع به.‏

وفي سورية قاومت السلطة المدنية العثمانية والسلطة الدينية مساعي الرائد أبي خليل القباني لتأسيس مسرح عربي, بعد أن أغلق الخديوي مسرحه في القاهرة, لكن مسعاه في دمشق أحبطته السلطات الدينية والمدنية، إذ اعترض مفتي دمشق ركب السلطان العثماني في الأستانة, وشكا إليه ما يقوم به القباني من هتك للمحارم والأعراض, فبادرت السلطة إلى إغلاق مسرحه, والهدف هو تمزيق الهوية الاجتماعية للتراث ووحدته المادية والروحية.‏

وفي العراق بدأت الحركة المسرحية في العشرينيات من القرن المنصرم, وكانت أهدافها تربوية, ثم انحازت إلى الأهداف الوطنية, وكان الهدف منها تبصرة التلاميذ بأهمية المسرح وإذكاء روح الحماسة الوطنية.‏

غير أن السلطة المدنية بادرت إلى منع تمثيل أي مسرحية أهلية إلا بعد موافقتها المسبقة من السلطة, لا بل عاقبت بعض التلاميذ الذين خالفوا أوامرها.‏

وتناول الكاتب في كتابه الاتجاهات الحداثية في المسرح المعاصر, وأوضح أنه تحت ستار الحداثة والتحديث اندفع المسرحيون المقلدون للحداثة الغربية في مغامرات تجريبية مصطنعة لا تمت إلى التراث الفني والأدبي العربي والاسلامي بصلة, من خلال إسقاط مفاهيم العصر الحاضر على الماضي, أو الماضي على الحاضر, دون أي التزام بالصدق الموضوعي والتاريخي.‏

تحول المسرح إلى تقديم مسرحيات كلاسيكية مترجمة, لكنه ظل محافظا على جدية نتاجه بعيدا عن الاستغلال التجاري, واعتمد على ممثلين اكفاء ممن امتلكوا الموهبة, ويؤكد المسرح العربي أن نهضته لاتقوم إلا على الكاتب المبدع والمخرج الموهوب والممثل البارع أثناء أداء دوره.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية