تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عمـــــال المعـــــلوماتية

شباب
الأحد 23-6-2013
يخطر في البال عند الكتابة عن أي موضوع يخص الشباب بأنه ترف في ظل ما تمر به بلادنا، وبعد التضحيات الكبيرة التي قدمها ويقدمها شبابنا من قوات جيشنا الباسل أو قوات الدفاع الوطني،

الا أنه واحتراما لدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة لابد لنا من الكتابة وطلب المزيد من الاهتمام بجيل الشباب والأجيال القادمة،إنهم ورغم المغريات اختاروا الوقوف مع الوطن ومع وحدة أراضيه، فهم المنارة التي نهتدي بها بالعمل والكتابة،‏

خاصة وأن قضايا الشباب تحتاج إلى عملية علاج مستمر لأن العنصر الشبابي عنصر مجدد باستمرار وان أدمغتهم قابلة في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى لعملية غسل بسبب الانفتاح غير المسبوق وغير مدروس على التقدم التقني وعلى الاعلام الخارجي، وعلى بحر المعلومات القادم عبر شبكة الانترنت، الأمر الذي جعل الشباب عرضة للاضطراب والتوتر والقلق، الا أننا يمكننا تحويل ذلك القلق والاقبال على التقدم التقني الى رافعة نهوض لهم كشريحة واسعة في مجتمعنا وللمجتمع بمجمله، لأنه لا جديد في القول إنّ العاملين في حقل المعلوماتية يتصدّرون اليوم واجهة العمل الحضاري، وهم جيل الشباب الذين يقبلون على كل جديد في هذا العالم الواسع والذي يتسم بالسرعة الفائقة، لدرجة يبدو فيها أن هذا الزمن زمن الأجيال الجديدة التي ينتمي إليها الشباب، بل شتان ما بين الأمس واليوم، اليوم أصبح كل شيء ديناميكياً مصطنعاً بفعل التكنولوجيا والتقدم العلمي وما جاء به عصر الكومبيوتر والفيديو وغير ذلك من أسباب الحضارة الحديثة التي عرفت الحياة الإنسانية فيها، تحولات كبيرة في توجهات الشباب على مستويات مختلفة من التعليم والتمكين والممارسات العملية والوظيفية والمردودية والانتاجية. ولعل من أصعب المصاعب التي تواجه الشباب التكيف مع العصر ومسايرة تطوراته السريعة خاصة وإنّ المعلومات تسبق بكثير الإنسان في بعض المجتمعات الملتزمة ونحن منها ما يؤثر في توجهات الشباب وتقف في طريقه وهو أمام تحديات العصر وملزم بإقناع أسرته ومجتمعه وأولياء أمره بجدية إسلوبه في الحياة وهل بهذا الأسلوب يمكنه مواجهة متطلبات الحياة الجديدة بكل ما تقتضيه من حيوية وصبر وتضحية وكفاح، وهنا يأتي دور الحكومة متمثلة بالمؤسسة التعليمية والمؤسسات التي تهتم بتمكين الشباب للوقوف الى جانبهم في مجال المعلوماتية والترويج لثقافة المعلومة من منطلق أن المعرفة قوة، صحيح أننا خطينا خطوات واسعة ومهمة في هذا المجال عن طريق ادخال المعلوماتية الى مناهجنا الدراسية، وكذلك بإجراء مسابقات ومشاريع عمل تشجيعية للشباب للخوض في هذا المجال، الا أنها لم تصل الى مرحلة الثقافة السائدة في المجتمع والعمل، لأنه لم يعد يكفي الالمام فقط بهذا العالم حيث أصبح ممكناً بفعل ثورة المعلومات والأعداد، تحويل أي معطى، أكان صورة أو صوتاً أو نصّاً أو رسالة، إلى لغة رقمية تتيح نقله بسرعة الضوء من مكان إلى آخر، من هنا تتردّد في عملية التنمية والتمكين مقولة لا قوة بلا معرفة، ولم تعد الغلبة للقوى العضلية أو البدنية، بل تتضاعف قدرات الإنسان الفكرية مع التقنيات الرقمية والسرعة الضوئية. ذلك أنّ المعرفة باتت تعتمد الآن على تداول المعلومات الرقمية، عبر شبكات وأنظمة وبرامج تتيح جمعها وتخزينها أو فرزها ونقلها، أو استثمارها والتصرّف بها بسرعة البرق، بل بالسرعة التي يفكر فيها المرء عندما تداهمه مشكلة طارئة. وهذا كله يناسب اهتمام الأجيال الجديدة وتقبلهم وتلقفهم لهذه السرعة ، ما يحقق بجهد أقل ووقت أقل بكثير نتائج أكبر بكثير مما كانت تحققه التقنيات التقليدية.‏

من هنا على الحكومة في مرحلة الاعمار أن تركز على التعلّيم عبر الحاسوب، ففي هذا الحقل تفتح الأدوات الجديدة للاتصال والتداول آفاقاً خصبة أمام المعلم والتلميذ، لأنّ الشبكات تتيح استخدام طرائق متعددة ومتنوعة في التحصيل، ولأنّ البريد الإلكتروني يوسّع إمكانات التبادل والاتصال، خارج المدرسة، سواء بين الأهل والأساتذة أو بين الأساتذة والتلامذة، والأهم أن نمط العمل على الحاسوب يعطي للتلميذ الفرصة لكي ينجح، إذ هو يتيح له أن يكون ذا دور فعّال في عملية تعلّمه وتكوين نفسه، بقدر ما يساعده على تشغيل عقله وتنمية قدراته على البحث والتفكير النقدي المستقل، وهكذا سوف تتراجع الطريقة التقليدية للمعلم الواقف أمام اللوح يشرح ويُلقّن أو يطلب إلى التلامذة القراءة وكتابة الفروض، لكي تحل محلّها طريقة جديدة تقوم على العمل المشترك الذي ينخرط فيه التلاميذ بوصفه فاعلاً تربوياً يستخدم ملكاته في السبر والتحليل، وفي ابتكار حلول للمشكلات التي تواجهه، بقدر ما يساهم مع زملائه في التعلّم سواء من الكتاب أو من الفيديو ، من هنا، فإنّ الشعار التربوي الذي أطلقته قبل سنوات وزارة التربية وشجعتها عليه منظمة اليونيسيف بأن يتعلم الطفل طيلة حياته حيث يشاء وكيف يشاء يتناسب مع ماذكرناه.‏

لقد أخذنا التعليم مثالا الا أننا يمكن أن ينطبق الأمر على الادارة، وكلها حقول قريبة من دينامية الشباب وتقبلهم للجديد، ويمكن أن تستثمر قدراتهم وطاقاتهم وتجعلهم أقرب الى الادارة التي توفر لهم هذا الاستخدام للمعلوماتية أي الى الدولة بتمكينهم من التقدم العلمي وابعادهم عن البيروقراطية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية