تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من عيونهم.. تعرفونهم..!!

استراحة الأسبوع
الجمعة 28/11/ 2008 م
ˆرويدة عفوف

هي ملكة الحواس.. لأنها المصدر الأول لمعلومات الإنسان ووسيلة تخاطب دقيقة وثابتة.. فالعين التي أصبحت رمزاً عالمياً, لها أيضاً حكايات خاصة مشوقة.

فقد اعتبر الشرقيون صيبة العين سبباً لموت نصف البشرية. وممن يملكون عيوناً خطيرة, النساء العجائز والعرائس أما الضحايا الأسهل فهم الأولاد والجياد والحليب والقمح. وتحارب العين الشريرة بالحجاب والأشياء التي تلمع وبالملح وحدوة الحصان.‏

وأيضاً اعتبرت العين في معظم الحضارات القديمة نبعاً للمعرفة الروحية.‏

ومن جهة أخرى ما زالت بعض المخيلات الشعبية تعتبر العين ونظراتها أداة رغبة وشهوة وقد روت الأساطير أن عدداً من الأبطال وأنصاف الآلهة فقدوا بصرهم, إن لم نقل حياتهم كلها بسبب نظراتهم الفضولية جداً. ففي الميثولوجيا اليونانية صار (أريمانت) أعمى لأنه شهد حمام (أفروديت) في حين تحول (أكيتون) يوم فاجأ (أرتيميس) وهي تستحم, غزالاً التهمته كلابه الخاصة.‏

والعين لا تجسد عطش الإنسان إلى المعارف وحسب, بل إنها ترمز أيضاً إلى السلطة الإلهية القادرة والنافذة, وقد اعتقدوا قديما أن الآلهة تملك عيوناً عدة تسمح لها برؤية كل شيء فالإله المصري (حورس) يملك عيناً ثاقبة لا يخفى عليها شيء وهو يمثل بصقر يملك قدرة بصرية خارقة.‏

وفي تقاليدنا الشعبية, نولي العين أهمية مميزة فنضعها أو نرسمها على مداخل منازلنا لتحمينا من كل عين شريرة.‏

ولقد تحولت العين إلى وسيلة تعبير خاصة بعد أن جمعت بين قدراتها العلمية وقوتها الروحية الخفية المثيرة للجدل.‏

ولغة العيون تتسع لعشرات التعابير الشائعة, فخفض العين مثلاً يشير إلى التواضع والخضوع, في حين تدل العينان المحملقتان على المفاجأة, وتعبر العينان نصف المغلقتين عن ألم ونفور, وتشير العينان المفتوحتان في شكل واسع مع حاجبين منخفضين ونظرة محدقة إلى الغضب الشديد.‏

أما غمزة العين فهي تشكل دعوة جنسية مفضوحة إذا وجهت من شخص نجهله تماماً, في حين تشير بين الأصدقاء إلى التواطؤ.‏

وتبرز طرق أخرى للعب على النظرات, وإخفاء حقيقة تعابيرها, فالجميع يعرفون كيف يخفضون أعينهم ليثيروا الحزن مثلاً, وكيف يرفعون حواجبهم دلالة على الانتباه, وكيف يحدقون في عيون الآخر ليتأكدوا من صدقه وصراحته, والخبر الجيد يكمن في إثبات التجارب, استحالة تجنب الإنسان مهما علت درجات مكره, رفات جفونه واتساع بؤبؤ العين في حال الكذب والخداع..‏

فمن عيونهم تعرفونهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية