|
مجتمع وأحياناً تكون النصائح متضاربة فمثلاً يقول بعض التربويين بأنه كلما ابتدأ التعليم مبكراً كان ذلك أفضل وأنه من الأفضل تعليم الأطفال القراءة والحساب والسباحة والموسيقا في أصغر سن ممكنة. وفي المقابل نجد من يقول بأنه ينبغي ألا نبدأ بالتعليم الرسمي للطفل إلا عندما يبلغ الثامنة أو التاسعة من عمره، أو أن التعليم في البيت هو علاج لمشكلات التدريس في المدارس. وآراء كثيرة عن الطعام ومشاهدة التلفاز وألعاب الكمبيوتر والأنشطة التي يمكن أن يقوم بها الأطفال مما يجعل الآباء اليوم يقفون محتارين فيما يتعلق بتربية الطفل ويسألون أنفسهم أي نصيحة يتبعون..! ولمن يصغون؟ سأل أحد الآباء بعد محاضرة عن الأطفال الدكتورة هالة حمادي عندما قالت على الآباء أن يزيدوا معارفهم عن تربية الأطفال: ماذا لو كنت على خطأ..؟ إنه سؤال محق. من يتابع آراء المختصين لا يجد تضارباً بين المربين المختصين أنفسهم وإنما يبدو التضارب بين الذين ينقلونها، من جهة والمربين المحافظين من جهة أخرى. وضمن مجال الرأيين السابقين هناك اجماع في تطور الطفل على اتفاق عريض يشكل التربية الصحية والممارسات التربوية السليمة للطفل. ويعتمد الاجماع الاختصاصي العريض هذا على مجموعة أبحاث حول تطور الطفل استمرت أكثر من قرن، بالإضافة إلى الخبرة المتراكمة للاختصاصيين في مجال تطور الطفل الذين امضوا حياتهم في التعامل مع الأطفال وأسرهم. وتتوافق نتائج البحث مع نتائج الخبراء بشكل تام لتزود الآباء بالمعلومات والنصائح المتعلقة بتربية الأطفال، دون الاستخفاف بخبرة الآباء أنفسهم ممزوجاً بمشاعرهم تجاه ما يحتاجه أبناؤهم، وهو ما أجابت الدكتورة هالة الأب عندما سألها من نصدق؟ وسواء كان الكاتب بنجامين سبوك أم برونو بيتلهايم أم غيرهم من أكثر من عمل في هذا المجال فإن الرسالة هي نفسها بشكل أساسي وهي: إن الطفولة هي مرحلة مهمة من مراحل الحياة، وهي مثل المراحل الأخرى لها تفسيراتها وفصولها الخاصة بها. وتكون تربية الطفل وتعليمه أكثر صحة وفعالية عندما تأخذ هذه التربية الخصائص المتعلقة بالطفولة بعين الاعتبار وتتكيف معها. فالأطفال ليسوا كباراً مصغرين، وإنما لديهم شعور الكبار وإحساسهم ولكن ليس لديهم أفكارهم، ويحثنا جميع الخبراء وكل الأبحاث على احترام شعور الأطفال. وعقدة الآباء اليوم تجاه تربية أطفالهم، وشعورهم بالتقصير قد يكون ناتجاً عن قلقهم من أنهم يعطون وضعهم الوظيفي أهمية أكثر من أطفالهم، ويعتقدون أنهم يقومون بالتصرف الخاطئ، أو بالتصرف الصحيح ولكن في الوقت غير المناسب، ومع انشغالنا وحيرتنا أمام الخيارات المطروحة لتربية الطفل، وكذلك تجاه المسؤوليات في القيام بالتصرف الصحيح في الوقت الصحيح، نجد أنفسنا عندما يتوفر الوقت إلى اصطحاب أبنائنا من درس لآخر، أو من نشاط ثقافي إلى نشاط آخر أو من مناسبة اجتماعية إلى أخرى. لكن هل يساعدنا هذا على تخفيف شعورنا بالقلق والذنب تجاههم أو يعزز العلاقة بيننا أو يزيد من تطور الطفل ككل؟ لا. |
|