|
مجتمع ويخطئ الذين يستبعدون دور المجتمع ويحصرون واجب الأسرة في تغذية الطفل وتوفير ثيابه وألعابه وتسليته والعناية بصحته قبل ذهابه إلى المدرسة، أما المدرسة فعليها أن تتكفل بشؤون الثقافة فقط. هذه النظرة يبدو متباينة في أيامنا هذه والعائلة هي التي يجب أن تبدأ بالتربية الثقافية بأسرع وقت ممكن وعليها أن تلجأ إلى شتى الوسائل الممكنة وأهمها أن يتعود الآباء على قراءة الصحف والمجلات والدوريات والاهتمام بالمسرح أو السينما والمعارض والمتاحف وتوفير ما أمكن من هذه الأجواء للطفل. وعن دور المسرح والصحف وأهميتها في إغناء فكر وأفق الطفل تبين المرشدة الاجتماعية ريم الغفير أنه من الأخطاء الفادحة في حياتنا الاعتقاد بأن العادات الثقافية تتكون من تلقاء نفسها فلن تكون التربية الثقافية مجدية إلا إذا نظمت تنظيماً واعياً وفق خطة واضحة وطريقة دقيقة إضافة إلى أن تربية الطفل الثقافية يجب أن تبدأ منذ سن مبكرة جداً.. حتى حين يكون هذا الطفل بعيداً عن معرفة القراءة.. إن حكاية صغيرة تسرد جيداً هي بداية لتربية تكون فكرة وهنا تنصح السيدة الغفير باقتناء بعض كتب الحكايات الخاصة بالأطفال.. ويجب أن تكون الحكاية أو القصة قصيرة كي يفهمها الأطفال الصغار وسهلة الأسلوب كي يدركوا معانيها واختيار القصص أمر بالغ الأهمية فينبغي طرح تلك القصص التي تدغدغ الروح الشريرة وتفتن في رسم الشياطين وجنيات البحر وأبالسة الغابات. لأن هذا النوع من القصص برأيها يمكن عرضه على كبار السن من الأولاد أما الصغار فقد يتخذون ما فيها على أنه حقيقة وقد تقودهم نحو عالم سحري قاتم مفزع وأحسن القصص للأطفال الصغار هي قصص الحيوانات، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال ننتقل معهم إلى الحكايات والقصص التي تدور حول العلاقات الإنسانية شريطة عدم التعرض لحمق الإنسان وبراءته تعرضاً سافراً ساخراً... ويفضل الاعتماد على القصص البديعة التي تصور أساليب الكفاح بين الأغنياء والفقراء. اصطفاء الحكايات وتؤكد المرشدة الاجتماعية على وجوب أن يكون الآباء حذرين جداً من اصطفاء هذه الحكايات وأن يبتعدوا عما هو وحشي عن القصص التي يغالي مؤلفوها في وصف موت البطل أو الأطفال الشجعان، بل من المستحسن اختيار الحكاية التي توقظ الثقة بقوى الطفل والتي تبعث في نفسه روح التفاؤل والأمل في النصر والعطف على المستضعفين في الأرض والمضطهدين دون أن يرافق ذلك يأس مرير. أما الصور الحزينة التي تمثل الاضطهاد والاستغلال البشع فلا يمكن أن تسرد على الأطفال المتقدمين في السن. دور الصورة وتلعب الصور دوراً كبيرا في تنمية مخيلة الطفل وتوسيع أفقه وشحذ فكره، وليس من الضروري استخدام صحف الأطفال لهذا الغرض بل يمكن استخدام أي نوع من اللوحات أو الصور أو الرسوم إذا كانت ملائمة للمضمون وحين يتفحص الطفل الصور يطرح عادة كثيراً من الأسئلة ويهتم بالتفصيلات والعلاقات والعلل. ومن الضروري جداً أن نجيب دائماً عن أسئلته بكل وضوح وأن نساعده على الفهم أما إذا كانت أسئلته من النوع الذي لا يمكن الإجابة عنها فيمكن أن نقول له وبكل بساطة «إنك لن تفهم هذا الآن وسوف تعرفه حين تكبر» وهذا القول سوف يعود الطفل أن يقيس قواه ويدفعه إلى العمل الجاد والاهتمام بالأمور النافعة والتطلع نحو المستقبل. على الهامش أما المسرح والسينما فلا يمكن أن نسمح للأطفال حضورها إلا في الحالات النادرة أو حين تكون البرامج فيها خاصة بالأطفال. إن تعلم القراءة دليل مرحلة انتقالية واضحة في العمل الثقافي الذي تقوم به العائلة. ويجري هذا الانتقال في محيط جماعة الأطفال في المدرسة هذه المرحلة ذات أهمية بالغة في حياة الطفل ويجب أن نرغم هذا الطفل على العمل في بدء تعلمه القراءة. كما يجب ألا نشجع الكسل الذي قد يبرز عنده إزاء الصعوبات المدرسية الطارئة أيضاً. لذا يجب أن تكون كتب هذه المرحلة مقبولة ومطبوعة بحروف كبيرة ومليئة بالصور كي تثير اهتمام الطفل بالقراءة والرغبة في قهر المصاعب. المدرسة المكان الأول إن تعلم القراءة ينقل الطفل إلى مرحلة تالية هي مرحلة اكتساب المعارف حيث تحتل المدرسة المكان الأول اللائق في حياة الطفل ولا يعني هذا أن يغفل الآباء عن مسؤولياتهم ويتركوها للمدرسة فاهتمام الآباء بتربية أبنائهم الثقافية له أكبر الأثر في عمل الأبناء في المدرسة، وفي هذه المرحلة تأخذ الكتب والصحف والسينما والإذاعة والشاشة الصغيرة والمتاحف والمعارض والمسارح والأشكال الأخرى للتربية الثقافية معناها التام. تنمية الرغبة أيضاً لابد من تنمية نشاط الطفل إلى أقصى الحدود.. ولا يكفي أن ننمي طريقته في الرؤية والسمع بل يجب تنمية طريقته في الرغبة والإرادة والنضال والسعي نحو الفوز وقهر المصاعب وقيادة الرفاق والأطفال الصغار من غير غطرسة وعجرفة... ومن الخير أن يرسم الآباء للطفل منهاجاً للمستقبل القريب يهتم به وينفذه ومن الممكن أن ندخل في هذا المنهاج قراءة الكتب والصحف وارتياد المسرح والسينما والمتحف. |
|