|
معاً على الطريق وتحت ذرائع لا تجلب إلا المصائب والفواجع.. وكذلك وباسم ترقية الشعوب وهي في الحقيقة الهيمنة الاستعمارية الجديدة فإذا نحن يفترس بعضنا بعضا, ويقتات أقلنا على لحوم أكثرنا فتقل الموارد, وتنتشر المجاعات, ويموت الناس تشردا وفاقة تقفز فوق كل طاقة, وقد نخلق أساليب حديثة تتجلى في منظمات وهيئات ومؤسسات هي لمصاصي الدماء, وقتل الأبرياء ليس أولها دور الأزياء, ولا آخرها الاتجار بالنساء وما بينهما من وسائل لاستنزاف الأموال وتزييف الحقيقة في كثير من الأحوال.. والحديث يطول ويمكن أن نصول فيه ونجول لكننا ندرك تماما أننا نعود إلى العهود البدائية باسم العولمة والحضارة الإنسانية.. والتطور يأسرنا ولا نعرف إلى أين يوجهنا. أما الحملان فهم أولئك الأطفال..الوديعة السماوية بين أيدينا حتى يكبروا وينشؤوا على قيم ومبادئ تجنبهم على الأقل أن تفترسهم الذئاب, وأن يعيشوا في مأمن وأمان يحققون فيه شريعة الإنسان الذي خلق ليعمر الكون لا أن يهدمه وينشر فيه الدم والفساد والشرور. المقولة الأساسية ذات الأبعاد الثلاثية التي توصلنا إليها من خلال الثقافة وتطور العلوم وخاصة التربوية والنفسية هي الأسرة والمدرسة والمجتمع.. كلمات ثلاث تتردد حتى في الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث مع تحديد أو توجيه لكل بعد من هذه الأبعاد فيما يتعلق بواجبات الأسرة, والتزامات المدرسة, وتأثيرات المجتمع, أما الحقيقة فهي أنه يجب أن نخلق مناخا كاملا متكاملا للطفولة ما دام العالم أصبح متشابكا بعضه ببعض متواصلا مهما بعدت المسافات حتى بين القارات, وأن كل إنسان حتى في الأدغال ورؤوس الجبال لم يعد منقطعا عما يدور حوله بل قادرا على أن يتواصل مع من يريد في اللحظة التي يريد. والطفولة هي المستقبل.. وهي الأمل.. والتفكير فيها لا يقتصر على مجتمع معين أو دولة بذاتها وإنما هي مسؤولية البشرية جمعاء في خلق زمن لا يسود فيه الأشرار, ولا يستبد فيه الأقوياء, وإذا كان التفكير يتجه الآن إلى خلق نظام عالمي جديد فيما يتعلق بالاقتصاد واستثمار الثروات فإن التفكير يجب أن يتجه أولا إلى مبادئ بعينها تطبقها الأسرة البشرية بنسب متفاوتة طبعا تتعلق بالطفولة بشكل واضح وأكيد تتضاعف فيه العقوبات لو وقعت وتنتشر حوله الدعايات لو نجحت حتى تتقارب رؤوس الأطفال فيما بينهم, لا فرق بين أسود وأبيض, ولا اختلاف بين عرق أو دين أو جنس إضافة إلى أسس لا يمكن تجاوزها كاختراق الطفولة بتجنيدها للحروب, أو إطلاقها نحو المتع بأنواعها ونحو التحرر من القيود بلا حدود. لكن الظاهرة الشاذة التي أصبحت تستأثر باهتمام العالم وفي منطقتنا بالتحديد هي إسرائيل العنصرية الفاشية التي تجاوزت النازية, والتي تجعل من أطفالها مشاريع إنسانية عدوانية, وتجند المراهقين في جيشها ليقذفوا الحمم المحرّمة والقنابل الفوسفورية دون أن يرف لهم جفن, أو يخفق لهم قلب فيصيبوا أكثر ما يصيبون الأطفال الذين أصبحوا يحتاجون إلى الأطراف الصناعية لو سلموا, وإلى المعالجات النفسية لو بقوا سالمين. إنه نداء إنساني... من قلب أمومي لكل من يعمل في سبيل الحياة أن يحتضن طفولة أولادنا.. وأن يرعاهم.. وأن يبث فيهم الخير لا من أجلهم بل من أجل البشرية التي أصبحت في قلب العدوانية. |
|