|
استراحة ثم بدأ بحساب الأيام بناء على شروق الشمس صباحا ،ثم الشهور ،بناء على شكل القمر، ثم احتسب أجزاء اليوم بحسب ارتفاع الشمس وطول الظل ،ثم جاء احتساب السنين بناء على مطالع النجوم واختفائها.
ثم جاءت الحسابات العلمية عندما أدرك الإنسان أنَّ هناك تعاقبًا منتظمًا للفصول. ولأن الفصول تؤثر في حياة الناس وتحدد حاجاتهم كما تحدد طعامهم الطبيعي، احتاجوا إلى تقويم يمكنهم من التحضير لفصل الشتاء قبل أن يأتي. ولم يقتصر هذا التدرج في حساب السنين على أمة بعينها أو مكان جغرافي دون آخر, فقد وجدت أنواع مختلفة من التقاويم عند أمم عديدة في الشرق الأدنى ( الجزيرة العربية وبلاد الشام والرافدين) وفي الشرق الأوسط ( الهند وأواسط آسيا)وفي الشرق الأقصى (الصين واليابان). وربما كانت أوروبا آخر بلاد العالم في وضع التقاويم،بل كانت تعتمد عند وضع تقاويمهم وتعديها على الفلكيين القاطنين في الشرق العربي. لكن لأسباب تتعلق بالسيطرة الاستعمارية والنفوذ السياسي،جرى تعميم التقويم الأوروبي على العالم،وهو التقويم ( الغريغوري)،وهناك سبب جوهري دفع كل بلدان العالم للأخذ به،وهو أن هذا التقويم،هو الأصلح بعد أن تم تعديله عدة مرات خلال أزمنة مختلفة،إضافة إلى أن أغلب بلاد العالم كانت تسير على هذا التقويم في مطلع القرن العشرين،فوجدت الدول القليلة أن تساير هذا التقويم السائد، وهو التقويم الروماني الذي تم تعديله بشكل أساسي مرتين، دعي الأول بالتعديل اليولياني،والثاني التعديل الغريغوري. وحسب المؤرخين استعار الرومان تقويمهم الأول من الإغريق وكانت سنتهم عشرة أشهر،وعلى الأغلب تأثر الإغريق عند وضع تقويمهم بالتقاويم الشرقية في بلاد الشام والرافدين. يبدأ التاريخ الروماني ببناء مدينة روما،نسبة لمؤسسها (روميلوس) التي تعادل سنة 753 قبل الميلاد،وهي سنة بداية العمل بالتقويم الروماني، وقد جعلوا العام عشرة أشهر في البداية وهي: 1 ـ مارس: ويرمز للمريخ،اسم إله الحرب الروماني. 2- أبريل: ويرمز للأزهار رمز الآلهة (فينوس). 3- مايو: ويرمز للآلهة اليونانية (مايا) الخاصة بالخصب والنماء. 4- يونيو: ويرمز لاسم جونيور ( أكبر القبائل الرومانية ). ومن الشهر الخامس حتى العاشر ترمز إلى مكانها وأسمائها. 5- كونيلس: أي الخامس 6- سكستيلس: أي السادس. 7- سبتمبر: أي السابع. 8- أكتوبر: أي الثامن. 9- نوفمبر: أي التاسع. 10- ديسمبر: أي العاشر. وقام (نوما) وهو ثاني أباطرة الرومان بتعديل التقويم، وشملت تعديلاته إضافة شهر قبل مارس سماه يناير، ويرمز للإله (يانوس) إله الشمس عند الرومان وحارس أبواب السماء،وإضافة شهر بعد ديسمبر سماه فبراير، ويرمز إلى الكفارة والتطهر والتقديس،وإضافة شهراً طوله 22 يوماً أو 23 يوماً مرة كل سنتين. وفي عام 452 ق. م. قام أحد أباطرة الرومان بجعل شهر فبراير بين يناير ومارس. وفي سنة 46 قبل الميلاد استدعى الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر الفلكي (الإسكندري سوسيجينيس) وطلب منه وضع تقويم سنوي يعدل التقويم الروماني. فوضع الفلكي التقويم معتمداً على السنة الشمسية، وبعد إعداد هذا التقويم سمي بالتقويم اليولياني نسبة إلى الإمبراطور يوليس قيصر،ومن تعديلاته نقل بداية السنة من أول آذارـ مارس إلى الأول من كانون الثاني ـ يناير،وتبدل تسمية شهر كونتيلس فسموه يوليو،تكريما للإمبراطور يوليوس قيصر. وجاء هذا التعديل بعد أن أدى الخطأ المتراكم حتى أيام يوليوس قيصر إلى أن أصبح التقويم متقدمًا على الفصول نحو ثلاثة أشهر تقريبًا،فحل الشتاء في شهر سبتمبر، وجاء الخريف في الشهر المسمى الآن يوليو. وفي عام 31 ق. م. أطلق اسم الإمبراطور إكتافيوس الملقب بأغسطس (أي المهيب) على الشهر الثامن فصار اسمه (أغسطس) وحتى لا يكون في عدد أيامه أقل من سلفه زيد في أيامه يوم أخذ من فبراير، وبتعديل عدد أيام كل من سبتمبر ونوفمبر وجعل كل منهما: 30 يوماً،وجعل بداية السنة الميلادية بيوم البشارة 25 مارس (آذار). وبأمر من الإمبراطور قسطنطين انعقد المجمع الكنسي العام في سنة 325م وأقر المجمع الاعتماد على التقويم اليولياني المستعمل وقتذاك. وبعد إقرار التقويم من قبل المجمع اعتمدت عليه دول أوروبا كافة وغالبية الشعوب والأمم، وحسب هذا التقويم تكون ثلاث سنوات بسيطة، بمعدل 365 يوماً بكل سنة، والسنة الرابعة تكون كبيسة بمعدل 366 يوما، وأن يبدأ من السنة الميلادية نسبة إلى ميلاد المسيح عليه السلام، وأن تكون بداية هذا التاريخ من 1 / 1 / 1 م، وهو يوم ختان السيد المسيح . واستمر هذا التقويم إلى سنة 1582 م، وبالضبط إلى يوم 4/ 10 / 1582 م، حيث لاحظ الفلكيون في هذه السنة في عهد بابا الفاتيكان غوريغوري أن دوران الأرض حول الشمس في السنة الواحدة ليس 356 يوماً وربع، إنما أقل بقليل من ذلك، حيث حسبت أن دوران الأرض حول الشمس في السنة الشمسية الواحدة تساوي ( 365.24222 ) يوماً، فأمر البابا غريغوري بإجراء إصلاح على التقويم المقدم من الفلكيين حول هذا الفرق. وأخذت به فرنسا فور ظهوره، وأخذت به إنكلترا عام 1752م، واليابان عام 1872م، ومصر عام 1875م، والصين عام 1912م، واليونان عام 1913م، كما تم تطبيقه في بلاد الشام (سورية ولبنان وفلسطين والأردن) في أيام الاحتلال الإنكليزي والفرنسي، وتأخر تطبيقه في الاتحاد السوفييتي وتركيا إلى عام 1923،وبظهور التقويم الغريغوري أخذ التقويم الشمسي الروماني شكله وهيئته النهائية. |
|