|
|
ثقافة هو موسوعته الفريدة من نوعها في المكتبة العربية, التي حملت اسم ( موسوعة حلب المقارنة) التي تقع في سبعة مجلدات من القطع الكبير, وقد صدرت ضمن منشورات جامعة حلب. تتبوأ هذه الموسوعة الشائقة, مكانها الرفيع بين الدراسات اللغوية المقارنة, لأنها اهتمت بالكشف عن الأصول اللغوية التي عملت على تكوين لهجة أهالي حلب, ومن جهة أخرى تعتبر (موسوعة حلب المقارنة), مصدراً ثراً من مصادر التراث الشعبي, على حد تعبير الأستاذ محمد كمال الذي أشرف مشكورا على طباعة هذه الموسوعة وتنقيحها وتبويبها. أمضى الأسدي الذي فتنته حلب, معظم سنوات حياته, بجمع المادة الأولية لموسوعته, من أفواه الناس ومن صدور الرجال ,في سهراتهم المنزلية ومقاهيهم وأسواقهم,حتى كلام الأطفال في الحارات الشعبية, كان محط اهتمامه. ولد الأسدي في حلب. وقضى طفولته في حي الجلوم الذي يعتبر من أقدم أحياء حلب. تلقى تعليمه الأولي في ( مكتب شمس المعارف ) الذي أنشأته الحكومة العثمانية, ثم تابع تحصيله الدراسي في (المدرسة العثمانية), كطالب مستمع, حتى حصل على الشهادة الثانوية التي كانت تسمى آنذاك (الرشدية ). وبدأ حياته العملية معلما في مدارس حلب, فكان يقضي سحابة يومه بالمطالعة الحرة, من أجل أن يثقف نفسه تثقيفا ذاتيا, فكان من أوائل الأشخاص الذين خلعوا (الطربوش في حلب ) ومن الرواد الذين ساهموا بإدخال النشاط المسرحي إلى مدارس حلب,وخلال إشرافه على عرض إحدى المسرحيات بترت يده اليسرى, جراء انفجار وقع خلف كواليس المسرح. لم يترك الأسدي سوى مجموعة شعرية واحدة أسماها (أغاني القبة ), وهي نفحات من الشعر الصوفي المنثور, فضلا عن كتاب (ياليل ), وهوبحث أكاديمي رصين لأصول كلمة (ياليل )التي يتغنى بها المغنون, وكتاب (أحياء حلب ). منح خير الدين الأسدي وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى في عام 1982, تقديرا لكفاحه المضني ولأعماله الهامة التي أغنت المكتبة العربية بمؤلفات نفيسة وطريفة معا. واليوم يتابع الباحث الدؤوب سمير طحان, بالرغم من ظروفه الصعبة التي تطحن روحه نتيجة فقدانه لبصره وليديه, مسيرة أستاذه الكبير الأسدي, من خلال توثيقه لمظاهر الحياة الشعبية في حلب وإصدارها بصورة منتظمة في كتب مستقلة حسنة الإخراج والتبويب . |
|
