|
رؤية وذلك لأن الذين تحدثوا من الفنانين والصحفيين لم يحاولوا تشريح الظواهر الموجودة في الواقع والوصول إلى الموضوعية والاقناع النقدي, وإنما استعادوا مجمل الاحكام المسبقة والمجانية المتراكمة على مدى أكثر من نصف قرن. الاشارة الوحيدة الجديدة الأكثر تعسفية التي اضافتها تلك الندوة الحوارية العشوائية قول أحد المتحدثين: إن الفنانين التشكيليين السوريين لا يهتمون بما يكتب عنهم في الصحافة المحلية, مع العلم أن معظم الفنانين, لا يكفون عن الاتصال بنا متساءلين عن موعد نشر متابعاتنا لمعارضهم, والأهم من ذلك أن مجمل الفنانين يؤرشفون ما نكتبه عنهم, ويعيدون نشر مقاطع من مقالاتنا في كتبهم وكتالوجات معارضهم, وعلى سبيل المثال فقط عمر حمدي الفنان السوري الكبير والأكثر شهرة وموهبة أعاد نشر ما كتبناه عنه في كتابه الانيق والفاخر (مالفا) الصادر في نيويورك بعدة لغات. ومنذ أقل من اسبوعين وقع الفنان الرائد ممدوح قشلان كتابه الجديد, الذي ضمنه بعض النصوص النقدية المحلية, وقائمة بأسماء أبرز النقاد والصحفيين السوريين الذين كتبوا عنه. وهذا يعني أن المواقف المسبقة والجاهزة التي تثار في كل مرة حول غياب النقد تدل دلالة قاطعة, إما عن ارتباط الأقوال بالأمزجة والأهواء وحالات مد وجزر العلاقات الشخصية, وإما عن مواقف عشوائية وإلغائية ومسبقة من الإبداع الكتابي النقدي, الذي هو بحاجة إلى متابعة وقراءة متأنية وموضوعية, وذلك لتجاوز المشكلات الافتعالية وحالات الالتباس والغموض والشك. بالطبع نجد من وقت لآخر فناناً يصب نقمته على النقاد بلا تمييز, لكننا وبسهولة ميسرة نكتشف أن الفنانين الفاشلين في واجهة صدارة من يروجون لهذه الشعارات, على خلاف الفنانين الحقيقيين الذين يتفاعلون وبتلقائية مرهفة, مع ينابيع الكتابة النقدية وتفرعاتها الإبداعية وحقولها التأويلية والتنظيرية. |
|