تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بستان الدّرّ .. نبوة النساء

دين ودنيا
الجمعة 21/11/2008
الشيخ محمد وليد فليون

رأت العقيدة الإسلامية استعمال وصفين كل منهما منفصل عن الآخر, وذلك في مسألة الرسالات, وإن فرقاً جوهرياً بين النبي والرسول, فالنبي إنسان أوحى الله إليه بشريعة ولكنه لم يؤمر بتبليغها للناس, أما الرسول فهو إنسان أوحي إليه بشريعة ; ثم أمر بتبليغها. فمثال الأنبياء يوسف عليه السلام, ومثال الرسل نوح عليه السلام.

إذن في القراءة الإسلامية: كل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً, ولهذا التفريق مابعده, ذلك إن ما هو معلوم أن أعباء الرسالة أثقل وأشد بكثير من أعباء النبوة, بل إن في الرؤية الإسلامية طرازاً خاصاً من الأنبياء سُمُّوا في القرآن ( أولو العزم ). وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام وأنت لو تابعت سيرة هؤلاء الكرام وحياتهم لقرأت دروساً فريدة في الصبر والكفاح بكل أمانة لا تحتملها النساء.‏

ومضت الرؤية الإسلامية على أن الرسول لا يكون إلا رجلاً, وفي ذلك يقول القرآن: }وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم { وهذه الرؤية في ذكورة الرسل باستطاعتك أن تقرأها جلية كذلك في الأناجيل,وإن لم تصرح بها, فاسم الرسول في الأناجيل يطلق (بصفة خاصة على تلاميذ السيد المسيح عيسى عليه السلام الذين اختارهم ليكرزوا من بعده ويبشّروا, وأُطلقت لفظة رسول أيضاً على برنابا الذي لازم بولس في خدماته الأولى في أنطاكية وفي آسيا الصغرى, وأطلقت الكلمة كذلك بمعنى أعم على المبشرين بالإنجيل, وسمي عيسى عليه السلام رسولاً, وفي اثنين وأربعين موضعاً من إنجيل يوحنا يتحدث المسيح عن نفسه بأنه مرسل).‏

وفي الحقيقة فإن المسألة ليست مبنية على أساس من الذكورة والأنوثة, فحيث استطاعت المرأة أن تحمل عبئاً فإن الله حملها إياه, ونحن لا نستطيع أن ننسى تضحيات مريم الطاهرة, ومن قبلها أم النبي موسى, ومن بعدهما آمنة أم النبي محمد, وما عهد الله إليهن من العناية بأطفال كانوا خلاص العالم.‏

وإذا كانت القراءة الإسلامية نأت بالمرأة عن أعباء الرسالات, فإنها أقرّت حقها في النبوات, فالآيات التي ذكرت رجولة الرسل قالت : وما أرسلنا.... إلا رجالاً ولم تقل: وما أنبأنا... إلا رجالاً, فالإنباء غير الإرسال, وهذا ما يجلّي بوضوح نبّوة المرأة.‏

الإنجيل المقدس يذكر نبيّة من اليهود هي النبيّة حنّة ( وكانت هناك نبيّة هي حنّة بنت فنوئيل من سبط أشير ) وكذلك بنات فيلبس الأربع كن يتنبأن.‏

وفي العقيدة الإسلامية وإن كان خلاف ما تعوّده المسلمون في الفقه السائد فإن القول بنبوّة المرأة ثابت.‏

قال الحافظ ابن حجر إمام المحدثين: قوله صلى الله عليه وسلم: لم يكمل من النساء إلا آسية فرعون و مريم بنت عمران, استدل بهذا الحصر على أنهما نبيّتان لأن أكمل النوع الإنساني الأنبياء. ومثل ذلك ما اختاره أيضاً ابن حزم من القول بنبوة النساء. وأيضاً فإن شيخ المفسرين القرطبي قال: الصحيح أن مريم نبيّة, لأن الله أوحى إليها بواسطة الملك, كما أوحى إلى سائر النبيين, ونقل عن الأشعري أنه نُبِّىء من النساء ست : حواء, وسارة, وأم موسى, وهاجر, وآسية, ومريم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية