تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خَطٌ على الورق... نامت نواطير مصر..

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 18-6-2013
أسعد عبود

لم أعد أتذكر اسم الفيلم. هو واحد من الانتاج الثقافي الساخر إلى درجة الكوميديا الذي أبدعه الذهن المصري في مرحلة تردي الأوضاع أبان حكم أنور السادات.

تقوم فكرة الفيلم على حكاية متخيلة ، أنه في يوم ما ، تصحو مصر على حادثة سطو فريدة ، إذ يختفي هرم خوفو الأكبر ؟!..... ويبدأ البحث عن الهرم و الحرامي. من خلال عملية البحث السوبر جنائي هذه ، يستعرض الفيلم مواقف دول واتجاهات و أحزاب و حكومات حول الحدث الجلل. وبعد أن يدور بنا المخرج على حالات عديدة مضحكة ، يجدون الهرم. ثم يختتم الفيلم بهاتف يعلم المعنيين بأن ثمة من سرق نهر النيل.... كان ذلك ايغالاً في الكاريكاتيرية للإضحاك ، بل ربما للإنذار. فهل صدق أحدنا يومها أن ثمة من يهدد بسرقة النيل ؟!‏

أبداً ... لكن النيل اليوم مهدد ...؟! تخيلوا مصر دون النيل أو بقليل منه ...؟!‏

هكذا تبدو الحياة العربية المعاصرة أكثر كوميديا من مخيلة السينما. و الذي سرق النيل ليس أبداً دولة أثيوبيا الصغيرة الفقيرة ، بل تهاون الحكومات المصرية لعقود طويلة عن الحرامي الصهيوني الذي سبق مصر التي تميزت يوماً بدورها الافريقي... سبقها إلى إفريقيا ... وبمساعدته تقسم السودان وبدأت الحرب بين أجزائه ، و تقزم دور مصر ... وغاض النيل ... الحرامي الصهيوني وغيره من لصوص لم يتوقفوا يوماً عن غزونا وسرقتنا حيث وجدونا ، ولم يعدموا يوماً بيننا قادة خونة و أغبياء يقدمون لهم ما يريدون على طبق من ذهب.‏

ماذا كان يحتاج السودان لتقسيمه و وضع مخطط إنهائه أكثر من « زعيم « كعمر حسن البشير ..؟! الذي هتف فرحاً يوم انفصل الجنوب : الأن نستطيع أن نطبق الشريعة الإسلامية في الشمال... ؟! ....ولم يدر في ذهنه المحدود إن وجد ، أن الذين أخذوا الجنوب لن يتركوا له شمالاً.‏

كذا مرسي ، الذي ظن وجماعته أنهم بوضع ختمهم على كامب ديفيد وحصار غزة و إسقاط العباءة العربية عن مصر ، إنما ضمنوا لأنفسهم محيطاً يستمرون فيه بعبثهم بحقيقة الدين الإسلامي و تشويهه لوضعه في خدمة السياسة التابعة التي لن تبقي ، لا نيل ولا مصر كلها ، إن نجحوا في اسقاط العروبة و الامة العربية. ومن أجل النيل أقاموا فصلاً كوميدياً يعجز عنه ذاك المخرج لذاك الفيلم. هل سمعتم بعض تفاصيل ما جرى في المؤتمر الوطني الذي عقده مرسي لوضع ما يناسب لحماية النيل !؟ هل سمعتم الغباء والتجاوزات و العنصرية في تهديدهم لأثيوبيا ؟! بل إن الغباء وصل فيهم إلى درجة نقل ما جرى داخل الاجتماع على الهواء مباشرة ، ليس بإرادتهم بل بخطأ منهم.‏

بالأمس رفع مرسي مكسورتاه وهو يعلن قراره الثوري الفريد غير المسبوق بفتح سماء الوطن العربي للغزو الخارجي عبر سورية التي لم يعد يطيق علمها في القاهرة ؟! ومن حسن الصدف التي تظهر هوامش الحماقة ، ان العلم الذي أنزله مرسي ، له أقدمية وجود في القاهرة ... بل هو العلم الذي رفع في القاهرة في اللحظة التي رفع فيها بدمشق. أما العلم الذي كان يهزج تحته فهو العلم الذي أنزل عن ساريات دمشق في اللحظة ذاتها ..؟! لكن ... لا عجب في ذلك طالما يهزج هو ويؤدي الصلوات الخمس تحت العلم الإسرائيلي يخفق في القاهرة. فهل يظن أحد أن لذلك كله أن يدوم ؟! عندها تكون نهايتنا كعرب...‏

as.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية