|
الاندبندنت وأن فكرة توريد السلاح الثقيل الى ميليشيات المعارضة السورية وعناصرها المسلحة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين وعلى رأسهم فرنسا هو العمل الأكثر سخرية الذي يمكن أن تتصوره . لأن هذا السلاح سيزيد الأمر تعقيدا وسيؤدي الى نشوب حرب أهلية واراقة المزيد من الدماء وأن هذا السلاح المحتمل توريده الى العناصر المسلحة يمكن أن يفعل كل شيء عدا السلام وهذا يعني أن سعي فرنسا وراء استصدار قرار بشأن تسليح المعارضة السورية يعد هو القرار الأكثر خطورة من جميع القرارات التي اتخذتها فرنسا تجاه الأزمة السورية. فإنه لو تم تحليل كافة المعلومات بشأن علاقة فرنسا بالمعارضة السورية لوصلنا الى نتيجة بأن أطماع فرنسا في سورية تعود الى الماضي وأن النخبة الحاكمة الفرنسية ومنذ عهد نابليون تسعى دائما في خططها العالمية الى _اذا صح التعبير _ أن تشغل وضعية غير متوافقة مع امكانياتها حتى وقتنا هذا ابتداء من ساركوزي وانتهاء بهولاند . وأن النخبة الفرنسية الحاكمة وعند اتخاذ كل قرار مهما كانت أهميته على المستوى العالمي فإنها كانت تبالغ بإمكانياتها الذاتية مع ما يصاحب ذلك من نتائج كارثية على فرنسا نتيجة تلك القرارات الخاطئة وغير المحسوبة . المغامرة الفرنسية في الأزمة السورية ان المغامرة في سورية التي دخلتها حكومة هولاند -فابيوس هي مخاطرة قد توصل فرنسا والعالم أجمع الى كارثة في حال تطورها الى حرب عالمية ثالثة بسبب التقدير الخاطئ الفرنسي وان هذه أكبر خطأ ربما تقع فيه فرنسا خلال سبعة وثلاثين عاما من تاريخها . خاصة بعد التقارب الأمريكي الروسي الأخير وفشل دبلوماسيتها في التعامل مع الأزمة السورية الأمر الذي أدى الى تجريد فرنسا من دورها في وقت يشهد فيه العالم تقاربا روسيا أمريكيا بشأن حل الأزمة السورية ففرنسا تسبح عكس التيار الدولي بعد الاجماع العالمي على حل المشكلة السورية بالطرق الدبلوماسية وقناعة المجتمع الدولي بأنه لا حل في سورية سوى الحل السياسي. مما أجبر لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسية على التصريح حول سيره مع الحل السياسي في سورية لأن من المفارقات أن باريس تبدو اليوم في الخلف وهي التي كانت المبادرة على الجبهة السورية ولكن مبادرتها فشلت لأنها اتخذت منحى خاطئاً تجاه ما يجري في سورية وأن هذه المبادرة لم يكتب لها الصمود بل الفشل والهزيمة في ظل غياب الرؤية الحقيقية للأزمة وعدم وضوح القرارات الفرنسية حيال الأزمة السورية حيث تخبطت هذه القرارات وتكسرت مبكرا أمام صمود الدولة السورية رغم اعتراف باريس رسميا بما يسمى ائتلاف الدوحة تلك المجموعات المتفرقة التي سمت نفسها بالائتلاف الذي همشه (الجهاديون ) ولم يعترفوا به أصلا ومما زاد الطينة بلة تأخر فرنسا بتصنيف جبهة النصرة التي تنتمي لتنظيم القاعدة على قائمة المنظمات الارهابية!! ورغم ذلك تستمر فرنسا في لعبتها الخطرة فهي تارة تجيش المجتمع الدولي لصالح المعارضة المسلحة من خلال العمل على تسليح هذه المعارضة بأسلحة نوعية وتارة تخاف من أن تقع هذه الأسلحة المزمع توريدها للمعارضة المسلحة في أيدي الارهابيين بالرغم من استبعاد الرئيس فرانسوا هولاند ارسال هذه الأسلحة بسرعة الى العناصر المسلحة في سورية بعد قرار أوربا برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية. بينما تنقسم أوربا على نفسها تجاه تسليح المعارضة وأن القرار الفرنسي الأخير برفع حظر توريد السلاح الى المعارضة ما هو الا وهم جديد تعيشه فرنسا التي ما زالت ترى نفسها اللاعب الوحيد والأساسي في الأزمة السورية ولم تستوعب الدرس بأن دورها واطماعها الاستعمارية في سورية انتهت الى غير رجعة ففرنسا التي قررت من عندها استبعاد ايران من المشاركة في مؤتمر جنيف 2 في مقابل ترحيبها بمشاركة دول أخرى ذات صلة عميقة بالأزمة السورية مثل دور المحور التركي -السعودي -القطري بحجة أن طهران جزء من المشكلة ولا يمكن التعامل معها برأي فرنسا بوضعها جزءا من الحل . وفرنسا التي ألغت من عندها دور ايران كطرف أساسي في حل المشكلة السورية ورحبت بمشاركة الأطراف الاقليمية وخاصة الخليجية التي تعد سببا رئيسيا في مأساة الشعب السوري من خلال ارسالها أكثر من أربعين ألف مقاتل سلفي وجهادي للقتال في سورية ضمن صفوف جبهة النصرة التابعة للقاعدة . فالدولة الفرنسية مازال لديها أطماع وأحلام خلبيه في الأرض السورية وهي التي تسعى الى اسقاط سورية لتتمكن من تحقيق أحلامها الاستعمارية التي أكل عليها الزمن وشرب فمن حسن حظ السوريين أن فرنسا وبريطانيا أصبحتا عاجزتين اليوم عن اتخاذ أي قرار بمفردهما نظرا لضعف امكانياتهما قياسا الى أمريكا وروسيا وأن هاتين الدولتين لم يعد لهم هذا الدور الكبير والأساسي في حل الأزمة السورية فقد انحسر دورهما ولم تبق لهما سوى أحلامهما الوهمية . فبريطانيا وفرنسا كانتا وما زالتا تلعبان دور التابع لأمريكا وهكذا يبدو أن فرنسا ومن ورائها بريطانيا لم يعد لهم هذا الدور الكبير فيما يجري من أحداث في العالم وخاصة في سورية . وأن ثمة أطراف اقليمية باتت تلعب ادوارا في المنطقة أهم من الدور البريطاني الفرنسي وهما اللتان ارتضتا لنفسهما أن تكونا في ذيل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط . وبالرغم من سعي فرنسا لأن يكون لها دور أساسي في الأزمة السورية من خلال محاولتها للعب دور الوساطة من أجل انهاء الأزمة السورية ومن تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة الذي أكد على الحوار السياسي وانه هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق خلال لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين . وعلى الرغم من أن روسيا وفرنسا تتشاركان الهدف نفسه في وضع حد للنزاع الدائر في سورية الا أنه لا يزال هناك تباين حول كيفية حل النزاع في سورية . ففرنسا تحاول دائما (الصيد في المياه العكرة ) خاصة بعد الاتهامات التي وجهتها لحزب الله من خلال كلام وزير خارجيتها لوران فابيوس واتهامه لحزب الله من بالتدخل في سورية متناسية الدور السافر والبشع لقطر والسعودية في دعم الارهاب في سورية من خلال تصديرهما للجهادين وتهريبهم الى داخل الأراضي السورية للقتال في سورية وتزويدهم بالسلاح والمال . ففرنسا والغرب لا يفتؤون يلعبون دورا مشبوها في الأزمة السورية والغرض من كلام الفرنسيين حول تدخل ايران وحزب الله في الأزمة السورية غايته تأجيج الصراع في سورية واثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين مكونات الشعب السوري الواحد كي تعطي فرنسا نفسها الحق للتدخل في سورية وربما التدخل في لبنان لحماية المسيحيين بعد أن انكشفت اطماعها الاستعمارية وظهرت جلية للعيان . بقلم كيم سينغ أبت |
|