تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المقاهي ليست للتسلية فقط وإنما?

شباب
الاربعاء 24/10/2007
فاتن حسن عادلة

هل نظلم شبابنا عندما نقول إنهم يذهبون إلى المقاهي للتسلية فقط? أم أن هناك أسباباً متعلقة بظروفهم الاجتماعية والتعليمية تدفعهم للتوجه إليها? وما العلاقة التي قد تربط فيما بينهم? أم أن هناك شخصيات معروفة كالأدباء مثلاً يتطلعون للقائها ? هذا مايتحدث عنه شبابنا في استطلاعنا التالي:

هل نذهب للتسلية والترويح عن النفس..?‏

تقول نور 21 سنة طالبة آداب : إنها تذهب إلى المقهى مع زميلاتها بقصد التسلية والترويح عن النفس للتعرف على الآخرين ومراقبة تصرفاتهم وحركاتهم وتفسيرها والاستفادة منها لا أكثر ..‏

للقاء الأدباء.‏

هذا رأي علا 26 سنة موظفة حيث تقول: هنا ألتقي بأناس كثر وخاصة أن مجموعة من الفنانين والكتاب والمثقفين قد يتواجدون دائماً فتكون فرصة للقائهم والاستفادة من خبرتهم, كما أن الالتقاء بالأصدقاء وشرب النرجيلة ممتع جداً وخاصة في دمشق القديمة فأسعارها معقولة وتتناسب مع جيلنا الشاب.‏

هل من الممكن أن تكون المقاهي بيتاً آخر يلتقي فيه الأحبة (الأصدقاء) وتبادل الأحاديث براحة أكثر والخروج من الجو الأسري المعتاد للترفيه والراحة النفسية.‏

هذا رأي ابراهيم. م موظف: إننا كجيل شباب نرتاد المقاهي لعدة أمور فالمقهى عبارة عن بيت كبير يستوعب كل شرائح المجتمع ومختلف الأعمار, حيث الالتقاء بالأصدقاء والتعرف على أصدقاء جدد والحرية في انتقاء الفكرة وتبادل الآراء حول مواضيع كثيرة كالثقافية والاجتماعية والعلمية..الخ.‏

قد يكون لتوسع النفقات المادية وزيادة المصروف وعدم وجود عمل يتناسب مع ظروف الشاب سبب في الهروب إلى المقاهي الشعبية.‏

الشاب علي .م/ طالب جامعي يؤكد ذلك قائلاً: مثلاً أنا أذهب إلى مقاهي دمشق القديمة اسبوعياً وخاصة النوفرة والباشا, حيث الهدوء وهذا ممتع وجميل وأشعر بالارتياح أكثرعندما التقي مع أصدقائي وزملائي خاصة بعدما حاولت الحصول على عمل يتناسب مع دراستي الجامعية لتأمين مصاريف التعليم المفتوح من دخلي وليس من أهلي. ولكن المواعيد كانت متضاربة مع الدراسة فاضطررت لترك العمل.. وهذا مايحصل مع كثير من الشباب.‏

أما الدكتورة إيمان حيدر باحثة في علم الاجتماع فتقول حول هذه المسألة: إن غالبية شبابنا يهربون من واقعهم الذي يعيشونه إلى واقع آخر, فغلاء الأسعار والمهور والطلبات العالية على حساب الضروريات وغيرها لايتناسب مع دخله وماهو مطلوب منه تأمينه وتوفيره. حيث نجد أن الشاب بمجرد ماتخطى سن الثامنة عشرة وبمجرد أحس أنه بحالة استقلالية ولو قليلاً عن أهله فإنه يحاول أن يخرج من البيت لمكان آخر بهدف تغيير الجو الذي يعيش فيه فهو في المنزل يرى يومياً نفس الأشخاص والوجوه وتتكرر نفس الأحاديث وهذا مايشعره بالملل وبضرورة التغيير.‏

مثلاً نجد أن مقاهي دمشق القديمة ممتلئة يومياً وبنفس الوجوه تقريباً حتى الشباب الموظف في جميع القطاعات وهذا الآخر راتبه ودخله لايكفي مقابل ماهو مطلوب منه ألا وهو تأسيس أسرة, فهذا يحتاج ل (خطوبة -مصاغ) مصاريف منزلية وغيرها, لذلك فهو غير قادر على تأسيس أسرة على هذا الدخل فنجده يهرب هوالآخر لأماكن تمكنه من تمضية الوقت. كما نلاحظ وجود الكثير من الفتيات في هذه الأماكن فلعلها هي الأخرى تحاول أن تجد ربما مطلبها من الارتباط بشريك الحياة.‏

إذاً: لم تعد هناك علاقات اجتماعية مثل السابق كما أن انشغال الأمهات والآباء بمهماتهم الاقتصادية يؤثر سلباً على أبنائهم. حتى في المناسبات والأعياء فقد أصبح (الموبايل) بديلاً عنهم ليقول: كل عام وأنتم بخير من خلال الرسائل وهذا مايؤدي لغياب المشاعر والإحساس بالآخر. فالغالبية من شبابنا أيضاً لا تذهب مع أهلها لمعايدة الأقارب والتعرف عليهم وهذا مايسبب ضعفاً في العلاقات الاجتماعية, هذا ماجعلنا نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا فالأهل أيضاً يساهمون بقدر وفير من هذا الأمر .‏

وهذه حالة من اللامبالاة إضافة للإحباط نحو عاداتنا الاجتماعية الجيدة. فالمسؤولية تبدأ من الأسرة ومنذ صغرالأبناء وليس عندما يكبرون, فيجب عليها أن تمرنهم على محبتها والارتباط بالعائلة والعادات الاجتماعية كالاجتماع حول المائدة لتكريس الشعور والإحساس بالمسؤولية تجاه النفس وتجاه الآخرين.‏

فهناك أسر مازالت تسير على هذا الخط أو النمط ولكن بنفس الوقت نجد أن هذا الأمر أصبح ثانوياً لأخرى وهنا تلعب الظروف الاقتصادية دوراً في هذا كالسكن (البيت الصغير) مثلاً, فعند زيارة الآخرين لهذه الأسرة لابد أن تقوم ولو بقدر بسيط من الضيافة. نستطيع القول: لكل زمن وقته وحاجته وضرورته و لامانع من الالتقاء بالأصدقاء والذهاب إلى المقاهي والترفيه ولكن ليس بشكل يومي وليس على حساب العلاقات الاجتماعية الأساسية, كالالتقاء والارتباط بالعائلة, فمن المهم جداً مجالسة الآباء للأبناء وكذلك الأخوة فيما بينهم فهم بحاجة للتسامر والحوار وهذا مايزيد الترابط بين الأسرة حالياً ومستقبلاً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية