|
شؤون سياسية مثل هذا السؤال سيبقى المسيطر على لسان وفي أذهان الجميع من أصقاع العالم كأضعف الإيمان للتعبير عن حالة الرفض للحالة التي وصلت إليها الأمم المتحدة كمنظمة وجدت أساساً لاحقاق الحق وتطبيق القانون الدولي ومن أجل حماية الشعوب وسيادة الدول وتطبيق العدالة الدولية من أي سلطان. ولعل التذكير من جديد بذاك الدور المنوط بهذه المنظمة الدولية يبقى على الأقل من أضعف الإيمان ضرورياً ومفيداً ولا مفر منه في هذه الظلمة الاستبدادية التي يعيشها العالم في ظل الاستبداد الأميركي الحالي. إن الأمم المتحدة التي يراد منها اليوم أن تزج في معالجة جرائم ماارتكبه الغير في عالمنا اليوم وتحمل تبعات ما جنته يد القمع والتسلط الأميركي هنا وهناك هو جانب من أحد الجوانب التي تريد الإدارة الأميركية الاستعمارية أن تلقي بتبعات ما جنته يداها الملوثتان بالدماء لغيرها كي يتحمل معها وزر ما ارتكبته من جرائم بحق شعوب ودول كانت في الماضي عنواناً للحضارة البشرية وللإبداع الإنساني المميز. وكم هو مستغرب ذاك الاتفاق الذي تم في العاشر من الشهر الماضي بين واشنطن والأمم المتحدة والذي تبناه أيضاً مجلس الأمن الدولي والذي بموجبه وببساطة أصبح في حكم المؤكد أن الأمم المتحدة ستتحمل استمرار جريمة الاحتلال الأميركي للعراق بعد الانسحاب منه. ولعل الأكثر غرابة في ذاك الاتفاق هو أنه لم يثر أي انتقادات لدى الأمم المتحدة من الدول الأعضاء الكبار فيها وذات النفوذ الكبير أو الصغير الذي بموجبه تتعهد الأمم المتحدة أن تتحمل وزر أعمال وجرائم غيرها رغم حالة الترهل التي تعيشه وحالة الجمود التي تعاني منها منذ عقود جراء بسط الهيمنة الأميركية عليها. إن واشنطن بذاك الاتفاق تكون قد نجحت في أول الطريق لها كي تبعد عن نفسها أعباء جرائمها الشنيعة التي ارتكبتها بحق العراق أرضاً وشعباً وحاضراً ومستقبلاً وهي بذاك الاتفاق أيضاً تكون قد صدرت ما تعانيه من أزمات لغيرها للأمم المتحدة التي هي بالأساس لا تحسد على حالة العجز التي تعيشها منذ عقود بفعل السيطرة الأميركية عليها والتي أرخت بظلالها السوداء على النظام العالمي ككل وعلى مكوناته وتوازناته إلى اليوم ولعقود قادمة. إن العدد القياسي للمرات التي استخدمت فيها الولايات المتحدة حق الفيتو النقض ضد مشروعات قرارات كادت تتبناها الأمم المتحدة في مجلس الأمن وغيره لاسيما ما يخص السلام الدولي وقضية الصراع العربي الإسرائيلي حصراً كان قياسياً وعدائياً في نفس الوقت كي تبقى تلك المنظمة الدولية ومؤسساتها مشلولة ومصادرة الرأي والتعبير.ولن نجد في سجل أي دولة أخرى ما نجده في سجل واشنطن لاستخدامها حق النقض ضد إرادة وتوجهات المجتمع الدولي. ولعل الخلاف الحاد الذي دب بين الإدارة الأميركية والأمم المتحدة في أواخر ولاية كوفي أنان الأمين العام السابق في تشرين الثاني عام 2004 بشأن الاستجابة للرغبة الأميركية لإرسال طواقم جديدة من القوات الدولية إلى العراق خير دليل ومؤشر على عدم موافقة واشنطن على التمديد لولاية جديدة لكوفي أنان لهذه المنظمة. إن هدف واشنطن الجديد حيال المنظمة الدولية يدور على أساس أن هذه المنظمة يجب أن تقوم بدور عميل دولي أو وكيل دولي رسمي لها في العراق وبذلك تضمن بهذا الدور نتائج تناسبها وتحصل على توقيع الأمم المتحدة أو خاتمها عليها. رغم أن واشنطن هي التي دفنت مراراً موضوع إصلاح الأمم المتحدة الذي كان واحداً من أولوياتها إلى وقت غير بعيد ولم تعد تدفع باتجاه إثارة هذا الموضوع في لجان الأمم المتحدة أو هيئاتها بل على العكس تماماً نجحت في إقفاله تماماً تحت ستار وهمي وعمدت من ثم إلى التحكم فيها ولاسيما بمجلس الأمن. |
|