تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جدل حول مبدأ عدم قابلية التصرف بالمقتنيات الفنية في المتاحف

عن مجلة اكسبريس
فضاءات ثقافية
الثلاثاء 11-6-2013
ترجمة: دلال ابراهيم

أعربت مدينة ديترويت في الولايات المتحدة عن رغبتها في بيع مجموعتها الفنية التي يملكها متحفها البلدي من أجل تسديد ديونها البالغة 15 مليار دولار. فهل يولّد هذا الإجراء أفكاراً مماثلة في مدينة النور؟

وهل يمكن بيع لوحة الجوكندا, على سبيل المثال, من أجل دفع الديون؟ إجراء يمكن أن يدر الكثير, وخاصة فيما لو تم بيع الروائع الفنية من المدرسة الانطباعية الموجودة في متحف اورسيه، إلا أن القوانين تحظر بيع مقتنيات المتاحف العامة وينص القانون حرفياً على أن «المقتنيات التي تتشكل من مجموعات فنية تحويها المتاحف تعود إلى الجمهور, وبالتالي فهي غير قابلة للتصرف بها» أي بمعنى أنه ومن أجل التخلص من المقتنيات الفنية من أجل تسديد ديون باريس, على سبيل المثال, ينبغي تغيير القانون, فكرة ينقسم حولها عالم الفن, والتي من الصعب تحقيقها. ويعلق ميشيل ماكيت مساعد رئيس الاتحاد الأوروبي لخبراء الفن حول هذا الموضوع قائلاً: «أنا ضد هذا الاجراء, لأن تغيير القانون سينتج عنه مشاكل قانونية, على سبيل المثال, سوف يعارض المانحون بيع ممتلكاتهم, وسيقولون: أتحولون ممتلكاتنا الفنية إلى مال؟ ويطالبون باستعادتها. سيكون هناك الكثير من المشاكل «علاوة على ذلك, يستفيد المانحون من مزايا ضريبية, هل ينبغي في تلك الحالة رفع هذه المزايا»؟‏

وعلى الرغم من ذلك, إن مثل هذا الاجراء كفيل بأن يؤمن لمدينة باريس مبالغ ضخمة. وعلى سبيل المقارنة مع مدينة ديترويت, التي استطاعت أن تسدد ديونها البالغة 15 مليار دولار من خلال بيع كامل مجموعتها الفنية من مقتنيات متحفها البلدي, والتي يبلغ تعدادها 66,000 قطعة, لدى متحف اورسيه المئات من روائع أعمال الانطباعيين. ووفق تقديرات الخبير في الفن ميشيل ماكيت تفوق قيمتها مئات الملايين من اليورو. والنتيجة أن خزائن المدينة تحوي على عشرة مليارات يورو. مع العلم أن ديون مدينة باريس يتوقع أن تصل إلى حوالي أربعة مليارات مع نهاية الولاية الحالية. إلا أن برونو جوليار نائب عمدة باريس المسؤول عن الشؤون الثقافية يطمئن الجمهور في حديثه لمجلة اكسبريس أن مدينة باريس لم تصل إلى تلك الدرجة من المستوى الاقتصادي.‏

في عام 2002 أصدرت فرنسا قانوناً يخفف من وطأة مبدأ الاغتراب, والذي يسمح بإعادة بعض المقتنيات, وبموجبه تم إعادة رفات سارتيج بارتمان, أو التي يلقبونها بفينوس الهوتينتون من متحف الإنسان في باريس إلى موطنها في جنوب أفريقيا. ومثال آخر, أعاد متحف التاريخ الطبيعي في مدينة راون العشرات من رؤوس الماوري إلى نيوزيلاندا. ويحظر هذا المبدأ بيع المقتنيات في فرنسا, وهو إجراء يمنع المتاحف من «الدخول في أسواق الفن والمراهنة على الفنانين»‏

وتبيح القوانين في كل من الدانمارك وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة بيع المقتنيات الفنية, ولكن ضمن حدود. مثلاً, في الولايات المتحدة تلتزم المتاحف بتعليمات جمعية المتاحف الأميركية, المنصوص عليها في قواعد سلوك المتاحف لعام 1993 ويعتبر هذا النص أن بيع أي قطعة من مجموعة فنية يجب أن يكون هدفه حصرياً شراء قطعة جديدة أفضل أو بهدف الحفاظ على المجموعة. ومن خلال هذا المنظور يصبح مبدأ قابلية التصرف أكثر مرونة في الخارج.‏

وهذه المرونة يتمخض عنها في أغلب الأحيان حالات جدل. في عام 1989 كان ينوي متحف لاهاي بيع لوحتين إحداهما للرسام بيكاسو والأخرى للرسام مونيه, بهدف جمع الأموال اللازمة لتبني سياسة اقتناء حقيقية, لكنهم تخلوا عن الفكرة بسبب تهديد تلقوه من العرش الهولندي لانتهاكهم المصلحة العامة. وفي عام 2006 باعت بلدية بوري بالقرب من مدينة مانشستر البريطانية لوحة للفنان المعاصر الشهير لورنس ستيفان لوري, لسد عجز في ميزانيتها, ولكن بعد إتمام صفقة البيع فقد المتحف اعتماداته.‏

وما جرى في مدينة ديترويت يعتبر حالة فريدة, حيث يمكن لكيفن اور المسؤول عن وضع ميزانية (موتور سيتي) بيع مجموعة المتحف وتجاوز البلدية, بينما يثور أحد المواطنين قائلاً لصحيفة ديترويت فري برس: «الفن ملك لكل واحد منا, حتى ولو كانت المدينة هي مالكته». ومن جانبها تناضل آن ماري اريكسون, نائب المدير التنفيذي للثراث من أجل «حماية مقتنيات المتحف». حالة لا زالت بعيدة عن الثقافة الأوروبية, حيث مبدأ «عدم قابلية التصرف» يقف حائلاً دون التصرف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية