|
رؤيـــــــة منطق الباحث الاقتصادي يبدو سائداً في مثل هذه التوليفات الكتابية.. فهل فعلياً يمكن تحديد سمات وميزّات وقوانين ضابطة تفصل بين تعاملات آدمية على أساس «ذكي» و«غبي».. دون الأخذ بالحسبان مقاييس الذكاء العلمي البحت..؟ بتعبير آخر.. من هو الذكي اجتماعياً وعاطفياً.. وكذلك ثقافياً.. والأهم إنسانياً..؟ لا أعلم لِمَ أجد قول الفيلسوف هيغل عن «المفهوم الأرقى للروح»، بمنتهى الذكاء البشري، ضمن حديثه عمّن يسمّيهم الأبطال، يذكر: «هم لم يبحثوا عن غاياتهم ولا عن مواهبهم في النّظام القائم والهادئ، بل أتوا بها من مصدر آخر: من الرّوح... إنّ الغايات الحقيقيّة لا تنبثق إلّا من داخل المضمون الّذي طوّر الرّوح...». فيلسوف الجدلية المثالية لم يغفل دوراً للروح في كتاب يتناول دور (العقل في التاريخ).. وأي عمى يمكن أن يكتنف المرء منّا حين لا يبصر أهمية ما يقبع خلف ظاهره..؟ ثمة أشياء تختبئ عمراً خلف مظاهر مصطّنعة.. تحتاج إلى انتكاسات وربما كوارث حقيقية لنكتشف جماليات تختبئ وراءها، لم نكن لنبصرها يوماً. من داخل منجم «الروح» طوّرت (ستيفاني، ماريون كوتيار) تقنيات ذكائها، في فيلم (صدأ وعظم- rust and bone).. ما حدث لها يجعلنا نلتفت مراراً إلى كنزنا الدفين «الروح».. الكنز ذاته الذي تحدّث عنه هيغل.. نلجأ إليه.. كنبع لا ينضب.. كمحاولات لإعادة الاعتبار لذواتنا في فواصل زمنية تُفرض علينا. في الفيلم، تفقد «ستيفاني» ساقيها.. ويتعرّض صديقها الملاكم لإصابة في عظام يديه.. تستعيد حياتها بعد أن تستعين بساقين اصطناعيتين.. لعل ثيمة الربط بين اهتراء العظم لتقوية الروح وانتشالها من صدئها.. كانت معبَراً ذا قيمة مضافةً للالتفات لمصدّ الروح.. وعمق حراسته لنا بأزماتنا. إنه الذكاء النقي.. ذكاء دون أي صدأ ولا شوائب.. ما جسّده فعل «ستيفاني».. الذكاء النبيل بأبهى هيئاته.. وأفخر إطلالاته.. حين استبصرت برعمي الأمل والقوة الكامنين فيها.. لتغدو بطلة بمقاييس روحية خاصة. |
|